Page 175 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 175
www.islamicbulletin.comرﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ
ولم تكن ثمة بشرى يتمنّاھا أصحاب رسول ﷲ ،وتطير قلوبھم شوقا اليھا أكثر من ھذه التي قلّدھا النبي
طلحة بن عبيد ﷲ..
لقد اطمأن اذن الى عاقبة أمره ومصير حياته ..فسيحيا ،ويموت ،وھو واحد من الذين صدقوا ما عاھدوا
ﷲ عليه ولن تناله فتنة ،ولن يدركه لغوب..
ولقد ب ّشره الرسول بالجنة ،فماذا كانت حياة ھذا المب ّشر الكريم..؟؟
**
لقد كان في تجارة له بأرض بصرى حين لقي راھبا من خيار رھبانھا ،وأنبأه أن النبي الذي سيخرج من
بلاد الحرم ،والذي تنبأ به الأنبياء الصالحون قد أھ ّل عصره وأشرقت أيامه..
و ّحر طلحة أن يفوته موكبه ،فانه موكب الھدى والرحمة والخلاص..
وحين عاد طلحة الى بلده مكة بعد شھور قضاھا في بصرى وفي السفر ،الفى بين أھلھا ضجيجا..
وسمعھم يتحدثون كلما التقى بأحدھم ،أو بجماعة منھم عن محمد الأمين ..وعن الوحي الذي يأتيه..
وعن الرسالة التي يحملھا الى العرب خاصة ،والى الناس كافة..
وسأل طلحة أول ما سأل أبي بكر فعلم أنه عاد مع قافلته وتجارته من زمن غير بعيد ،وأنه يقف الى
جوار محمد مؤمنا منافحا ،أ ّوابا..
وح ّدث طلحة نفسه :محمد ،وأبو بكر..؟؟
تا لا يجتمع الاثنان على ضلالة أبدا!!.
ولقد بلغ محمد الأربعين من عمره ،وما عھدنا عليه خلال ھذا العمر كذبة واحدة ..أفيكذب اليوم على ﷲ،
ويقول :أنه أرسلني وأرسل ال ّي وحيا..؟؟
وھذا ھو الذي يصعب تصديقه..
وأسرع طلحة الخطى ميمما وجھه شطر دار أبي بكر..
ولم يطل الحديث بينھما ،فقد كان شوقه الى لقاء الرسول صلى ﷲ عليه وسلم ومبايعته أسرع من دقات
قلبه..
فصحبه أبو بكر الى الرسول عليه الصلاة والسلام ،حيث أسلم وأخذ مكانه في القافلة المباركة..
وھكذا كان طلحة من المسلمين المبكرين.
**
وعلى الرغم من جاھه في قومه ،وثرائه العريض ،وتجارته الناجحة فقد حمل حظه من اضطھاد
قريش ،اذ وكل به وبأبي بكر نوفل بن خويلد ،وكان يدعى أسد قريش ،بيد أن اضطھادھما لم يطل مداه،
اذ سرعان ما خجلت قريش من نفسھا ،وخافت عاقبة أمرھا..
وھاجر طلحة الى المدينة حين أمر المسلمون بالھجرة ،ثم شھد المشاھد كلھا مع رسول ﷲ صلى ﷲ
عليه وسلم ،عدا غزوة بدر ،فان الرسول صلى ﷲ عليه وسلم كان قد ندبه ومعه سعيد بن زيد لمھمة
خارج المدينة..
175