Page 178 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 178

‫‪ www.islamicbulletin.com‬رﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ‬

  ‫نقول‪ :‬لو كان يعلم أن الفتنة ستتمادى الى ھذا المأزق والمنتھى لقاومھا‪ ،‬ولقاومھا معه بقية الأصحاب‬
                                  ‫الذين آزروھا أول أمرھا باعتبارھا حركة معارضة وتحذير‪ ،‬لا أكثر‪..‬‬

‫على أن موقف طلحة ھذا‪ ،‬تح ّول الى عقدة حياته بعد الطريقة البشعة التي حوصر بھا عثمان وقتل‪ ،‬فلم‬
 ‫يكد الامام عل ّي يقبل بيعة المسلمين بالمدينة ومنھم طلحة والزبير‪ ،‬حتى استأذن الاثنان في الخروج الى‬

                                                                                      ‫مكة للعمرة‪..‬‬
                       ‫ومن مكة توجھا الى البصرة‪ ،‬حيث كانت قوات كثيرة تتج ّمع للأخذ بثأر عثمان‪..‬‬
                ‫وكانت وقعة الجمل حيث التقى الفريق المطالب بدم عثمان‪ ،‬والفريق الذي يناصر عليّا‪..‬‬
   ‫وكان عل ّي كلما أدار خواطره على الموقف العسر الذي يجتازه الاسلام والمسلمون في ھذه الخصومة‬

                                          ‫الرھيبة‪ ،‬تنتفض ھمومه‪ ،‬وتھطل دموعه‪ ،‬ويعلو نشيجه‪!!..‬‬

                                                                     ‫لقد اضطر الى امأزق الوعر‪..‬‬
      ‫فبوصفه خليفة المسلمين لا يستطيع‪ ،‬وليس من حقه أن يتسامح تجاه أي تم ّرد على الدولة‪ ،‬أو أي‬

                                                               ‫مناھضة مسلحة للسلطة المشروعة‪..‬‬
 ‫وحين ينھض لقمع تم ّرد من ھذ النوع‪ ،‬فان عليه أن يواجه اخوانه وأصحابه وأصدقاءه‪ ،‬وأتباع رسوله‬
 ‫ودينه‪ ،‬أولئك الذين طالما قاتل معھم جيوش الشرك‪ ،‬وخاضوا معا تحت راية التوحيد معارك صھرتھم‬

                                                 ‫وصقلتھم‪ ،‬وجعلت منھم اخوانا بل اخوة متعاضدين‪..‬‬
                                                              ‫فأي مأزق ھذا‪..‬؟ وأي ابتلاء عسير‪..‬؟‬

 ‫وفي سبيل التماس مخرج من ھذا المأزق‪ ،‬وصون دماء المسلمين لم يترك الامام علي وسيلة الا تو ّسل‬
                                                                         ‫بھا‪ ،‬ولا رجاء الا تعلق به‪.‬‬

    ‫ولكن العناصر التي كانت تعمل ض ّد الاسلام‪ ،‬وما أكثرھا‪ ،‬والتي لقيت مصيرھا الفاجع على يد الدولة‬
    ‫المسلمة‪ ،‬أيام عاھلھا العظيم عمر‪ ،‬ھذه العناصر كانت قد أحكمت نسج الفتنة‪ ،‬وراحت تغذيھا وتتابع‬

                                                                                 ‫سيرھا وتفاقمھا‪...‬‬

                                               ‫**‬

‫بكى عل ّي بكاء غزيرا‪ ،‬عندما أبصر أم المؤمنين عائشة في ھودجھا على رأس الجيش الذي يخرج الآن‬
                                                                                           ‫لقتاله‪..‬‬

                                      ‫وعندما أبصر وسط الجيش طلحة والزبير‪ ،‬حوراي ّي رسول ﷲ‪..‬‬
                              ‫فنادى طلحة والزبير ليخرجا اليه‪ ،‬فخرجا حتى اختلفت أعناق أفراسھم‪..‬‬

                                                                                      ‫فقال لطلحة‪:‬‬
                          ‫" يا طلحة‪ ،‬أجئت بعرس رسول ﷲ تقاتل بھا‪ .‬وخبأت عرسك في البيت"‪..‬؟؟‬

                                                                                     ‫ثم قال للزبير‪:‬‬
   ‫" يا زبير‪ ،‬نشدتك ﷲ‪ ،‬أتذكر يوم م ّر بك رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم ونحن بمكان كذا‪ ،‬فقال لك‪ :‬يا‬

                                                                             ‫زبير‪ ،‬ألا تح ّب عليّا‪..‬؟‬
                                        ‫فقلت‪ :‬ألا أحب ابن خالي‪ ،‬وابن عمي‪ ،‬ومن ھو على ديني‪..‬؟؟‬

                                                               ‫‪178‬‬
   173   174   175   176   177   178   179   180   181   182   183