Page 179 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 179
www.islamicbulletin.comرﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ
فقال لك :يا زبير ،أما وﷲ لتقاتلنه وأنت له ظالم"!!..
قال الزبير رضي ﷲ عنه :نعم أذكر الآن ،وكنت قد نسيته ،وﷲ لا أقاتلك..
وأقلع الزبير وطلحة عن الاشتراك في ھذه الحرب الأھلية..
أقلعا فور تبيّنھما الأمر ،وعندما أبصرا عمار بن ياسر يحارب في صف عل ّي ،تذكرا قول رسول ﷲ صلى
ﷲ عليه وسلم لع ّمار:
" تقتلك الفئة الباغية"..
فان قتل ع ّمار اذن في ھذه المعركة التي يشترك فيھا طلحة ،فسيكون طلحة باغيا...
**
انسحب طلحة والزبير من القتال ،ودفعا ثمن ذلك الانسحاب حياتھما ،ولكنھما لقيا ﷲ قريرة أعينھما
بما م ّن عليھما من بصيرة وھدى..
أما الزبير فقد تعقبه رجل اسمه عمرو بن جرموز وقتله غيلة وغدرا وھو يصلي!!..
وأما طلحة فقد رماه مروان بن الحكم بسھم أودى بحياته..
**
كان مقتل عثمان قد تش ّكل في نفسية طلحة ،حتى صار عقدة حياته..
كل ھذا ،مع أنه لم يشترك بالقتل ،ولم يح ّرض عليه ،وانما ناصر المعارضة ض ّده ،يوم لم يكن يبدو أن
المعارضة ستتمادى وتتأزم حتى تتحول الى تلك الجريمة البشعة..
وحين أخذ مكانه يوم الجمل مع الجيش المعادي لعلي بن أبي طالب والمطالب بدم عثمان ،كان يرجو أن
يكون في موقفه ھذا كفّارة تريحه من وطأة ضميره..
وكان قبل بدء المعركة يدعو ويضرع بصوت تخنقه الدموع ،ويقول:
" اللھم خذ مني لعثمان اليوم حتى ترضى"..
فلما واجھه عل ّي ھو والزبير ،أضاءت كلمات عل ّي جوانب نفسيھما ،فرأيا الصواب وتركا أرض القتال..
بيد أن الشھادة من حظ طلحة يدركھا وتدركه أيّان يكون..
ألم يقل الرسول عنه:
" ھذا ممن قضى نحبه ،ومن س ّره أن يرى شھيدا يمشي على الأرض ،فلينظر الى طلحة"..؟؟
لقي الشھيد اذن مصيره المقدور والكبير ،وانتھت وقعة الجمل.
وأدركت أم المؤمنين أنھا تعجلت الأمور فغادرت البصرة الى البيت الحرام فالمدينة ،نافضة يديھا من
ھذا الصراع ،وز ّودھا الامام علي في رحلتھا بكل وسائل الراحة والتكريم..
وحين كان عل ّي يستعرض شھداء المعركة راح يصلي عليھم جميعا ،الذين كانوا معه ،والذين كانوا
ض ّده..
ولما فرغ من دفن طلحة ،والزبير ،وقف يودعھما بكلمات جليلة ،اختتمھا قائلا:
179