Page 173 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 173

‫‪ www.islamicbulletin.com‬رﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ‬

   ‫وتر ّكز مصير المعركة لديه في مصير ال ّر ّجال‪ ،‬فراح يخترق الخض ّم المقتتل كالسھم‪ ،‬باحثا عن ال ّر ّجال‬
                                                                                      ‫حتى أبصره‪..‬‬

 ‫وھناك راح يأتيه من يمين‪ ،‬ومن شمال‪ ،‬وكلما ابتلع طوفان المعركة غريمه وأخفاه‪ ،‬غاص زيد وراءه‬
‫حتى يدفع الموج الى السطح من جديد‪ ،‬فيقترب منه زيد ويبسط اليه سيفه‪ ،‬ولكن الموج البشري المحتدم‬

                                     ‫يبتلع ال ّر ّجال م ّرة أخرى‪ ،‬فيتبعه زيد ويغوص وراءه كي لا يفلت‪..‬‬
                          ‫وأخيرا يمسك بخناقه‪ ،‬ويطوح بسيفه رأسه المملوء غرورا‪ ،‬وكذبا‪ ،‬وخ ّسة‪..‬‬
 ‫وبسقوط الأكذوبة‪ ،‬أخذ عالمھا كله يتساقط‪ ،‬فد ّب الرعب في نفس مسيلمة في روع المحكم بن الطفيل ثم‬

                                 ‫في جيش مسيلمة الذي طار مقتل ال ّر ّجال فيه كالنار في يوم عاصف‪..‬‬
‫لقد كان مسيلمة يعدھم بالنصر المحتوم‪ ،‬وبأنه ھو وال ّر ّجال بن عنفوة‪ ،‬والمحكم بن طفيل سيقومون غداة‬

                                                                ‫النصر بنشر دينھم وبناء دولتھم‪!!..‬‬
                                    ‫وھا ھو ذا ال ّر ّجال قد سقط صريعا‪ ..‬اذن فنب ّوة مسيلمة كلھا كاذبة‪..‬‬

                                                           ‫وغدا سيقط المحكم‪ ،‬وبعد غد مسيلمة‪!!..‬‬
                               ‫ھكذا احدثت ضربة زيد بن الخطاب كل ھذا المدار في صفوف مسيلمة‪..‬‬
   ‫أما المسلمون‪ ،‬فما كاد الخبر يذيع بينھم حتى تشامخت عزماتھم كالجبال‪ ،‬ونھض جريحھم من جديد‪،‬‬

                                                                 ‫حاملا سيفه‪ ،‬وغير عابئ بجراحه‪..‬‬
       ‫حتى الذين كانوا على شفا الموت‪ ،‬لا يصلھم بالحياة سوى بقية وھنانة من رمق غارب‪ ،‬م ّس النبأ‬
     ‫أسماعھم كالحلم الجميل‪ ،‬فو ّدوا لو أ ّن بھم ق ّوة يعودون بھا الى الحياة ليقاتلو‪ ،‬وليشھدوا النصر في‬

                                                                                     ‫روعة ختامه‪..‬‬
      ‫ولكن أنّى لھم ھذا‪ ،‬وقد تفتحل أبواب الجنّة لاستقبالھم وانھم الآن ليسمعون أسماءھم وھم ينادون‬

                                                                                      ‫للمثول‪..‬؟؟!!‬

                                               ‫**‬

                                 ‫رفع زيد بن الخطاب ذراعيه الى السماء مبتھلا لربّه‪ ،‬شاكرا نعمته‪..‬‬
     ‫ثم عاد الى سيفه والى صمته‪ ،‬فلقد أقسم با من لحظات ألا يتكلم حتى يتم النصر أو ينال الشھادة‪..‬‬

                   ‫ولقد أخذت المعركة تمضي لالح المسلمين‪ ..‬وراح نصرھم المحتوم يقترب ويسرع‪..‬‬

  ‫ھنالك وقد رأى زيد رياح النر مقبلة‪ ،‬لم يعرف لحياته ختاما أروع من ھذا الختام‪ ،‬فتمنّى لو يرزقه ﷲ‬
                                                                      ‫الشھادة في يوم اليمامة ھذا‪..‬‬

                                ‫وھبّت رياح الجنة فملأت نفسه شوقا‪ ،‬ومآقيه دموعا‪،‬وعزمه اصرارا‪..‬‬
                                                    ‫وراح يضرب ضرب الباحث عن مصيره العظيم‪..‬‬
                                                                              ‫وسقط البطل شھيدا‪..‬‬
                                                                            ‫بل قولوا‪ :‬صعد شھيدا‪..‬‬
                                                                       ‫صعد عظيما‪ ،‬مم ّجدا‪ ،‬سعيدا‪..‬‬
                                                             ‫وعاد جيش الاسلام الى المدينة ظافرا‪..‬‬

                                                               ‫‪173‬‬
   168   169   170   171   172   173   174   175   176   177   178