Page 270 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 270
www.islamicbulletin.comرﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ
انه أبو سفيان آخر ،غير أبو سفيان بن حرب..
وان قصته ،ھي قصة الھدى بعد الضلال ..والحب بعد الكراھية..
والسعادة بعد الشقوة..
ھي قصة رحمة ﷲ الواسعة حين تفتح أبوابھا اللاجئ ألقى نفسه بين يدي ﷲ بعد أن أضناه طول
اللغوب!!..
تص ّوروا بعد عشرين عاما قضاھا ابن الحارث في عداوة موصولة للاسلام!!..
عشرون عاما منذ بعث النبي عليه السلام ،حتى اقترب يوم الفتح العظيم ،وأبو سفيان بن الحارث يش ّد
أزر قريش وحلفائھا ،ويھجو الرسول بشعره ،ولا يكاد يتخلف عن حشد تحشده قريش لقتال!!..
وكان اخوته الثلاثة :نوفل ،وربيعة ،وعبدﷲ قد سبقوه الى الاسلام..
وأبو سفيان ھذا ،ابن عم رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم ،اذ ھو ابن الحارث بن عبدالمطلب..
ثم ھو أخو النبي صلى ﷲ عليه وسلم من الرضاعة ،اذ أرضعته حليمة السعدية مرضعة الرسول بضعة
أيام..
وذات يوم نادته الأقدار لمصيره السعيد ،فنادى ولده جعفرا ،وقال لأھله :انا مسافران..
الى أين يا بن الحارث..
الى رسول ﷲ لنسلم معه رب العالمين..
ومضى يقطع الأرض بفرسه ويطويھا ط ّي التائبين..
وعند الأبواء أبصر مقدمة جيش لجب .وأدرك أنه الرسول قاصدا مكة لفتحھا.
وف ّكر ماذا يصنع..؟
ان الرسول قد أھدر دمه من طول ما حمل سيفه ولسانه ضد الاسلام ،مقاتلا وھاجيا..
فاذا رآه أحد من الجيش ،فسيسارع الى القصاص منه..
وان عليه أن يحتال للأمر حتى يلقي نفسه بين يدي رسول ﷲ أولا ،وقبل أن تقع عليه عين أحد من
المسلمين..
وتن ّكر أبو سفيان بن الحارث حتى أخفى معالمه ،وأخذ بيد ابنه جعفر ،وسار مشيا على الأقدام شوطا
طويلا ،حتى أبصر رسول ﷲ قادما في كوكبة من أصحابه ،فتن ّحى حتى نزل الركب..
وفجأة ألقى بنفسه أمام رسول ﷲ مزيحا قناعه فعرفه الرسول ،وحو ل وجھه عنه ،فأتاه أبو سفيان من
الناحية أخرى ،فأعرض النبي صلى ﷲ عليه وسلم.
وصاح أبو سفيانوولده جعفر:
" نشھد أن لا اله الا ﷲ
ونشھد أن محمدا رسول ﷲ".
واقترب من النبي صلى ﷲ عليه وسلم قائلا:
" لا تثريب يا رسول ﷲ"..
وأجابه الرسول:
" لا تثريب يا أبا سفيان.
ثم أسلمه الى علي بن أبي طالب وقال له:
" علم ابن ع ّمك الوضوء والسنة ورح به ال ّي"..
وذھب به علي ثم رجع فقال له الرسول:
270