Page 273 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 273
www.islamicbulletin.comرﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ
" يا رسول ﷲ ،مالنا اذا كنا عندك رقت قلوبنا ،وزھدنا دنيانا ،وكأننا نرى الآخرة رأي العين ..حتى اذا
خرجنا من عندك ،ولقينا أھلنا ،وأولادنا ،ودنيانا ،أنكرنا أنفسنا..؟؟"
فأجابھم عليه السلام:
" والذي نفسي بيده ،لو تدومون على حالكم عندي ،لصافحتكم الملائكة عيانا ،ولكن ساعة ..وساعة.
وسمع عمران بن حصين ھذا الحديث .فاشتعلت أشواقه ..وكأنما آلى على نفسه ألا يقعد دون تلك الغاية
الجليلة ولو كلفته حياته ،وكأنما لم تقنع ھ ّمته بأن يحيا حياته ساعة ..وساعة ..فأراد أن تكون كلھا
ساعة واحدة موصولة النجوى والتبتل رب العالمين!!..
**
وفي خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب أرسله الخليفة الى البصرة ليفقه أھلھا ويعلمھم ..وفي
البصرة ح ّط رحاله ،وأقبل عليه أھلھا مذ عرفوه يتبركون به ،ويستضيؤن بتقواه.
قال الحسن البصري ،وابن سيرين:
" ما قدم البصرة من أصحاب رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم أحد بفضل عمران بن حصين"
كان عمران يرفض أن يشغله عن ﷲ وعبادته شاغل ،استغرق في العبادة ،واستوعبته العبادة حتى صار
كأنه لا ينتمي الى عالم الدنيا التي يعيش فوق أرضھا وبين ناسھا..
أجل..
صار كأنه ملك يحيا بين الملائكة ،يحادثونه ويحادثھم ..ويصافحونه ويصافحھم..
**
ولما وقع النزاع الكبير بين المسلمين ،بين فريق علي وفريق معاوية ،لم يقف عمران موقف الحيدة
وحسب ،بل راح يرفع صوته بين الناس داعيا ايّاھم أن يكفوا عن الاشتراك في تلك الحرب ،حاضنا قضية
الاسلام خير محتضن ..وراح يقول للناس:
" لأن أرعى أعنزا حضنيات في رأس جبل حتى يدركني الموت ،أح ّب ال ّي من أن أرمي في أحد الفريقين
بسھم ،أخطأ أم أصاب"..
وكان يوصي من يلقاه من المسلمين قائلا:
" الزم مسجدك..
فان دخل عليك ،فالزم بيتك..
فان دخل عليك بيتك من يريد نفسك ومالك فقاتله"..
**
وحقق ايمان عمران بن حصين أعظم نجاح ،حين أصابه مرض موجع لبث معه ثلاثين عاما ،ما ضجر
منه ولا قال :أ ّف..
بل كان مثابرا على عبادته قائما ،وقاعدا وراقدا..
273