Page 278 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 278

‫‪ www.islamicbulletin.com‬رﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ‬

                                      ‫فلا حسبه‪ ،‬ولا شبابه‪ ،‬ولا مكانته ورفعته‪ ،‬ولا أمواله ولا قوته‪..‬‬
   ‫لا شيء من ذلك كله‪ ،‬استطاع أن يحول بين عبدﷲ بن الزبير وبين أن يكون العابد الذي يصوم يومه‪،‬‬

                                                        ‫ويقوم ليله‪ ،‬ويخشع خشوعا يبھر الألباب‪.‬‬
                          ‫قال عمر بن عبدالعزيز يوما لابن أبي مليكة‪:‬صف لنا عبدﷲ بن الزبير‪..‬فقال‪:‬‬

                                                   ‫" وﷲ ما رأيت نفسا ركبت بين جنبين مثل نفسه‪..‬‬
                                               ‫ولقد كات يدخل في الصلاة فيخرج من كل شيء اليھا‪..‬‬
                                            ‫وكان يركع أو يسجد‪ ،‬فتقف العصافير فوق ظھره وكاھله‪،‬‬
                                     ‫لا تحسبه من طول ركوعه وسجوده الا جدارا‪ ،‬أو ثوبا مطروحا‪..‬‬
  ‫ولقد م ّرت قذيفة منجنيق بين لحيته وصدره وھو يصلي‪ ،‬فوﷲ ما أح ّس بھا ولا اھتز لھا‪ ،‬ولا قطع من‬

                                                               ‫أجلھا قراءته‪ ،‬ولا تعجل ركوعه"‪!!..‬‬

                 ‫ان الأنباء الصادقة التي يرويھا التاريخ عن عبادة ابن الزبير لشيء يشبه الأساطير‪..‬‬
                             ‫فھو في صيامه‪ ،‬وفي صلاته‪ ،‬وفي حجه‪ ،‬وفي عل ّو ھ ّمته‪ ،‬وشرف نفسه‪..‬‬
                                                                 ‫في سھره طوال العمر قانتا وعبدا‪..‬‬
                                                      ‫وفي ظمأ الھواجر طوال عمره صائما مجاھدا‪..‬‬
                                                   ‫وفي ايمانه الوثيق با ‪ ،‬وفي خشيته الداشمة له‪..‬‬
                                                                       ‫ھو في كل ھذا نسيج وحده‪!..‬‬
                                      ‫سئل عنه ابن عباس فقال على الرغم مما كان بينھما من خلاف‪:‬‬

    ‫" كان قارئا لكتاب ﷲ‪ ،‬متبعا سنة رسوله‪ ..‬قانتا ‪ ،‬صائما في الھواجر من مخافة ﷲ‪ ..‬ابن حوار ّي‬
   ‫رسول ﷲ‪ ..‬وأمه أسماء بنت الصديق‪ ..‬وخالته عائشة زوجة رسول ﷲ‪ ..‬فلا يجھل حقه الا من أعماه‬

                                                                                          ‫ﷲ"‪!!..‬‬

                                               ‫**‬

                                             ‫وھو في قوة خلقه وثبات سجاياه‪ ،‬يزري بثبات الجبال‪..‬‬
                 ‫واضح شريف قوي‪ ،‬على استعداد دائم لأن يدفع حياته ثمنا لصراحته واستقامة نھجه‪..‬‬
  ‫أثناء نزاعه مع الأمويين زاره الحصين بن نمير قائد الجيش الذي أرسله يزيد لاخماد ثورة بن الزبير‪..‬‬

                                                        ‫زاره اثر وصول الأنباء الى مكة بموت يزيد‪..‬‬
‫وعرض عليه أن يذھب معه الى الشام‪ ،‬ويستخدم الحصين نفوذه العظيم ھناك في أخذ البيعة لابن الزبير‪..‬‬

   ‫فرفض عبدﷲ ھذه الفرصة الذھبية‪،‬لأنه كان مقتنعا بضرورة القصاص من جيش الشام جزاء الجرائم‬
                  ‫البشعة التي ارتكبھا رجاله من خلال غزوھم الفاجر للمدينة‪ ،‬خدمة لأطماع الأمويين‪..‬‬

   ‫قد نختلف مع عبدﷲ في موقفه ھذا‪ ،‬وقد نتمنى لو أنه آثر السلام والصفح‪ ،‬واستجاب للفرصة النادرة‬
                                                              ‫التي عرضھا عليه الحصين قائد يزيد‪..‬‬

   ‫ولك ّن وقفة الرجل أي رجل‪ ،‬الى جانب اقتناعه واعتقاده‪ ..‬ونبذه الخداع والكذب‪ ،‬أمر يستحق الاعجاب‬
                                                                                        ‫والاحترام‪..‬‬

                                                               ‫‪278‬‬
   273   274   275   276   277   278   279   280   281   282   283