Page 279 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 279
www.islamicbulletin.comرﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ
وعندما ھاجمه الحجاج بجيشه ،وفرض عليه ومن معه حصارا رھيبا ،كان من بين جنده فرقة كبيرة
من الأحباش ،كانوا من أمھر الرماة والمقاتلين..
ولقد سمعھم يتحدثون عن الخليفة الراحل عثمان رضي ﷲ عنه ،حديثا لا ورع فيه ولا انصاف ،فعنّفھم
وقال لھم ":وﷲ ما أح ّب أن أستظھر على عدوي بمن يبغض عثمان"!!..
ثم صرفھم عنه في محنة ھو فيھا محتاج للعون ،حاجة الغريق الى أمل!!..
ان وضوحه مع نفسه ،وصدقه مع عقيدته ومبادئه ،جعلاه لا يبالي بأن يخسر مائتين من أكفأ الرماة ،لم
يعد دينھم موضع ثقته واطمئنانه ،مع أنه في معركة مصير طاحنة ،وكان من المحتمل كثيرا أن يغير
اتجاھھا بقاء ھؤلاء الرماة الأكفاء الى جانبه!!..
**
ولقد كان صموده في وجه معاوية وابنه يزيد بطولة خارقة حقا..
فقد كا يرى أن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان آخر رجل يصلح لخلافة المسلمين ،ان كان يصلح على
الاطلاق ..ھو محق في رأيه ،فـ يزيد ھذا كان فاسدا في كل شيء ..لم تكن له فضيلة واحدة تشفع
لجرائمه وآثامه التي رواھا النا التاريخ..
فكيف يبايعه ابن الزبير؟؟
لقد قال كلمة الرفض قوية صادعة لمعاوية وھو حي..
وھا ھو ذا يقولھا ليزيد بعد أن صار خليفة ،وأرسل الى ابن الزبير يتوعده بش ّر مصير..
ھناك قال ابن لزبر:
" لا أبايع الس ّكير أبدا".
ثم أنشد:
حتى يلين لضرس الماضغ الحجر ولا الين لغير الحق أساله
**
وظل ابن الزبير أميرا للمؤمنين ،متخذا من مكة المك ّرمةعاصمة خلافته ،باسطا حكمه على الحجاز،
واليمن والبصرة الكوفة وخراسان والشام كلھا ما عدا دمشق بعد أن بايعه أھل الأمصار جميعا..
ولكن الأمويين لا يق ّر قرارھم ،ولا يھدأ بالھم ،فيشنون عليه حروبا موصولة ،يبوءون في أكثرھا
بالھزيمة والخذلان..
حتى جاء عھد عبدالملك بن مروان حين ندب لمھاجمة عبدﷲ في مكة واحدا من أشقى بني آدم وأكثرھم
ايغالا في القسوة والاجرام..
ذلكم ھو الحجاج الثقفي الذي قال عنه الامام العادل عمر بن عبدالعزيز:
" لو جاءت كل أمة بخطاياھا ،وجئنا نحن بالحجاج وحده ،لرجحناھم جميعا"!!..
**
279