Page 277 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 277

‫‪ www.islamicbulletin.com‬رﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ‬

     ‫فلما أھ ّل عبدﷲ بن الزبير عليھم من عالم الغيب‪ ،‬كان وثيقة دمغ بھا القدر افك يھود المدينة وأبطل‬
                                                                             ‫كيدھم وما يفترون‪!!..‬‬

‫ان عبدﷲ لم يبلغ مبلغ الرجال في عھد رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم‪ ..‬ولكنه تلقى من ذلك العھد‪ ،‬ومن‬
    ‫الرسول نفسه بحكم اتصاله الوثيق به‪ ،‬كل خامات رجولته ومبادئ حياته التي سنراھا فيما بعد ملء‬
                                                                              ‫الدنيا وحديث الناس‪..‬‬
                          ‫لقد راح الطفل ينمو نم ّوا سريعا‪ ،‬وكان خارقا في حيويته‪ ،‬وفطنته وصلابته‪..‬‬
                      ‫وارتدى مرحلة الشباب‪ ،‬فكان شبابه طھرا‪ ،‬وعفة ونسكا‪ ،‬وبطولة تفوق الخيال‪..‬‬
      ‫ومضى مع أيامه وقدره‪ ،‬لا تتغيّر خلائقه ولا تنبوبه رغائبه‪ ..‬انما ھو رجل يعرف طريقه‪ ،‬ويقطعه‬
                                                              ‫بعزيمة جبارة‪ ،‬وايمان وثيق وعجيب‪..‬‬

                                               ‫**‬

     ‫وفي فتح افريقية والأندلس‪ ،‬والقسطنطينية‪ .‬كان وھو لم يجاوز السابعة والعشرين بطلا من أبطال‬
                                                                                 ‫الفتوح الخالدين‪..‬‬

‫وفي معركة افريقية بالذات وقف المسلمون في عشرين ألف جندي أمام عدو قوام جيشه مائة وعشرون‬
                                                                                             ‫ألفا‪..‬‬

                                                         ‫ودار القتال‪ ،‬وغشي المسلمين خطر عظيم‪..‬‬
   ‫وألقى عبد ﷲ بن الزبير نظرة على قوات العدو فعرف مصدر قوتھم‪ .‬وما كان ھذا المصدر سوى ملك‬

              ‫البربر وقائد الجيش‪ ،‬يصيح في جنوده ويحرضھم بطريقة تدفعھم الى الموت دفعا عجيبا‪..‬‬
                        ‫وأدرك عبدﷲ أن المعركة الضارية لن يحسمھا سوى سقوط ھذا القائد العنيد‪..‬‬
                                 ‫ولكن أين السبيل اليه‪ ،‬ودون بلوغه جيش لجب‪ ،‬يقاتل كالاعصار‪..‬؟؟‬
                                    ‫بيد أن جسارة ابن الزبير واقدامه لم يكونا موضع تساؤول قط‪!!..‬‬
                                                               ‫ھنالك نادى بعض اخوانه‪ ،‬وقال لھم‪:‬‬
                                                                ‫" احموا ظھري‪ ،‬واھجموا معي"‪...‬‬

  ‫وشق الصفوف المتلاحمة كالسھم صامدا نحو القائد‪ ،‬حتى اذا بلغه‪ ،‬ھو عليه في ك ّرة واحدة فھوى‪ ،‬ثم‬
     ‫استدار بمن معه الى الجنود الذين كانوا يحيطون بملكھم وقائدھم فصرعوھم‪ ..‬ثم صاحوا ﷲ أكبر‪..‬‬

   ‫ورأى المسلمون رايتھم ترتفع‪ ،‬حيث كان يقف قائد البربر يصدر أوامره ويح ّرض جيشه‪ ،‬فأدركوا أنه‬
                                 ‫النصر‪ ،‬فش ّدوا ش ّدة رجل واحدة‪ ،‬وانتھى كل شيء لصالح المسلمين‪..‬‬

   ‫وعلم قائد الجيش المسلم عبدﷲ بن أبي سرح بالدور العظيم الذي قام به ابن الزبير فجعل مكافأته أن‬
           ‫يحمل بنفسه بشرة النصر الى المدينة والى خليفة المسلمين عثمان بن عفان رضي ﷲ عنه‪..‬‬

                                               ‫**‬

              ‫على أن بطولته في القتال كانت برغم تفوقھا واعجازھا تتوارى أمام بطولته في العبادة‪.‬‬
  ‫فھذا الذي يمكن أن يبتعث فيه الزھو‪ ،‬وثني الأعطاف‪ ،‬أكثر من سبب‪ ،‬يذھلنا بمكانه الدائم والعالي بين‬

                                                                                ‫الناسكين العابدين‪..‬‬

                                                               ‫‪277‬‬
   272   273   274   275   276   277   278   279   280   281   282