Page 272 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 272

‫‪ www.islamicbulletin.com‬رﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ‬

     ‫ما كاد أبو سفيان يسمع قو الرسول " أخي"‪..‬‬

‫حتى طار فؤاده من الفرح والشرف‪ .‬فأك ّب على قدمي الرسول يقبلھما‪ ،‬ويغسلھما بدموعه‪.‬‬
‫وتح ّركت شاعريته فراح يغبط نفسه على ما أنعم ﷲ عليه من شجاعة وتوفيق‪:‬‬
‫غداة حنين حين ع ّم التضعضع‬  ‫لقد علمت أفناء كعب وعامر‬

‫أمام رسول ﷲ لا أتتعتع‬       ‫بأني أخو الھيجاء‪ ،‬أركب ح ّدھا‬

‫اليه تعالى كل أمر سيرجع‬     ‫رجاء ثواب اللھوﷲ راحم‬

‫**‬

‫وأقبل لأبو سفيان بن الحارث على العبادة اقبلال عظيما‪ ،‬وبعد رحيل الرسول عن الدنيا‪ ،‬تعلقت روحه‬
                   ‫بالموت ليلحق برسول ﷲ في الدار الآخرة‪ ،‬وعاش ما عاش والموت أمنية حياته‪..‬‬

‫وذات يوم شاھده الناس في البقيع يحفر لحدا‪ ،‬ويسويّه ويھيّئه‪ ..‬فلما أبدوا دھشتھم مما يصنع قال لھم‪:‬‬
                                                                              ‫" اني أع ّد قبري"‪..‬‬

                                 ‫وبعد ثلاثة أيام لا غير‪ ،‬كان راقدا في بيته‪ ،‬وأھله من حوله يبكون‪..‬‬
                                                   ‫وفتح عينيه عليھم في طمأنينة سابغة وقال لھم‪:‬‬

                                           ‫" لا تبكوا عل ّي‪ ،‬فاني لم أتنظف بخطيئة منذ أسلمت"‪!!..‬‬
                ‫وقبل أن يحني رأسه على صدره‪ ،‬ل ّوح به الى أعلى‪ ،‬ملقيا على الدنيا تحيّة الوداع‪!!..‬‬

                                      ‫عمران بن حصين‬
                                        ‫شبيه الملائكة‬

                                        ‫عام خيبر‪ ،‬أقبل على رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم مبايعا‪..‬‬
‫ومنذ وضع يمينه في يمين الرسول أصبحت يده اليمنى موضع تكريم كبير‪ ،‬فآلى على نفسه ألا يستخدمھا‬

                                                                      ‫الا في كل عمل طيّب‪ ،‬وكريم‪..‬‬
                                             ‫ھذه الظاھرة تنبئ عما يتمتع به صاحبھا من ح ّس دقيق‪.‬‬

‫**‬

‫وعمران بن حصين رضي ﷲ عنه صورة رضيّة من صور الصدق‪ ،‬والزھد‪ ،‬والورع‪ ،‬والتفاني وحب‬
                                                                                  ‫ﷲ وطاعته‪...‬‬

        ‫وان معه من توفيق ﷲ ونعمة الھدى لشيئا كثيرا‪ ،‬ومع ذلك فھو لا يفتأ يبكي‪ ،‬ويبكي‪ ،‬ويقول‪:‬‬
                                                        ‫" يا ليتني كنت رمادا‪ ،‬تذروه الرياح"‪!!..‬‬

  ‫ذلك أن ھؤلاء الرجال لم يكونوا يخافون ﷲ بسبب ما يدركون من ذنب‪ ،‬فقلما كانت لھم بعد اسلامھم‬
                                                                                         ‫ذنوب‪..‬‬

 ‫انما كانوا يخافونه ويخشونه بقدر ادراكھم لعظمته وجلاله‪،‬وبقدر ادراكھم لحقيقة عجزھم عن شكره‬
                                    ‫وعبادته‪ ،‬فمھما يضرعوا‪ ،‬ويركعوا‪ ،‬ومھما يسجدوا‪ ،‬ويعبدوا‪..‬‬

                             ‫ولقد سأل أصحاب الرسول يوما رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم فقالوا‪:‬‬

‫‪272‬‬
   267   268   269   270   271   272   273   274   275   276   277