Page 294 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 294
www.islamicbulletin.comرﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ
عندما بعثه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب الى البصرة ،ليكون أميرھا وواليھا ،جمع أھلھا وقام فيھم
خطيبا فقال:
" ان أمير المؤمنين عمر بعثني اليكم ،أعلمكم كتار بكم ،وسنة نبيكم ،وأنظف لكم طرقكم"!!..
وغشي الانس من الدھش والعجب ما غشيھم ،فانھم ليفھمون كيف يكون تثقيف الناس وتفقيھھم في
دينھم من واجبات الحاكم والأمير ،أما أن يكون من واجباته تنظيف طرقاتھم ،فذاك شيء جديد عليھم بل
مثير وعجيب..
فمن ھذا الوالي الذي قال عنه الحسن رضي ﷲ عنه:
" ما أتى البصرة راكب خير لأھلھا منه"..؟
**
انه عبدﷲ بن قيس المكنّى بـ أبي موسى الأشعري..
غادر اليمن بلده ووطنه الى مكة فور سماعه برسول ظھر ھناك يھتف بالتوحيد ويدعو الى ﷲ على
بصيرة ،ويأمر بمكارم الأخلاق..
وفي مكة ،جلس بين يدي رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم وتلقى منه الھدى واليقين..
وعاد الى بلاده يحمل كلمة ﷲ ،ثم رجع الى رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم وتلقى منه الھدى واليقين..
وعاد الى بلاده يحمل كلمة ﷲ ،ثم رجع الى رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم اثر فراغه من فتح خيبر..
ووافق قدومه قدوم جعفر بن أبي طالب مقبلا مع أصحابه من الحبشة فأسھم الرسول لھم جميعا..
وفي ھذه الم ّرة لم يأت أبو موسى الأشعري وحده ،بل جاء معه بضعة وخمسون رجلا من أھل اليمن
الذين لقنھم الاسلام ،وأخوان شقيقان له ،ھم ،أبو رھم ،وأبو بردة..
وس ّمى الرسول ھذا الوفد ..بل س ّمى قومھم جميعا بالأشعريين..
ونعتھم الرسول بأنھم أرق الناس أفئدة..
وكثيرا ما كان يضرب المثل الأعلى لأصحابه ،فيقول فيھم وعنھم:
" ان الأشغريين اذا أرملوا في غزو ،أو ق ّل في أيديھم الطعام ،جمعوا ما عندھم في ثوب واحد ،ثم
اقتسموا بالسويّة.
" فھم مني ..وانا منھم"!!..
ومن ذلك اليوم أخذ أبو موسى مكانه الدائم والعالي بين المسلمين والمؤمنين ،الذين ق ّدر لھم أن يكونوا
أصحاب رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم وتلامذته ،وأن يكونوا حملة الاسلام الى الدنيا في كل عصورھا
ودھورھا..
**
أبو موسى مزيج عجيب من صفات عظيمة..
فھو مقاتل جسور ،ومناضل صلب اذا اضطر لقتال..
وھو مسالم طيب ،وديع الى أقصى غايات الطيبة والوداعة!!..
وھو فقيه ،حصيف ،ذكي يجيد تصويب فھمه الى مغاليق الأمور ،ويتألق في الافتاء والقضاء ،حتى قيل:
294