Page 292 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 292

‫‪ www.islamicbulletin.com‬رﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ‬

                                                                           ‫" اذھبوا فأنتم الطلقاء"‬
  ‫بيد أن نفرا من أولئك الطلقاء جاوزوا ھذا الخط باخلاصھم الوثيق‪ ،‬وسموا الى آفاق بعيدة من التضحية‬
  ‫والعبادة والطھر‪ ،‬وضعتھم في الصفوف الأولى بين أصحاب النبي الأبرار ومن ھؤلاء سھيل بن عمرو‪.‬‬

                                               ‫**‬

                                                                      ‫لقد صاغه الاسلام من جديد‪.‬‬
         ‫وصقل كل مواھبه الأولى‪ ،‬وأضاف اليھا‪ ،‬ثم وضعھا جميعا في خدمة الحق‪ ،‬والخير‪ ،‬والايمان‪..‬‬

                                                                       ‫ولقد نعتوه في كلمات فقالوا‪:‬‬
                                                                                ‫" ال ّسمح‪ ،‬الجواد‪..‬‬

                          ‫كثير الصلاة‪ ،‬والصوم‪ ،‬والصدقة‪ ،‬وقراءة القرآن‪ ،‬والبكاء من خشية ﷲ"‪!!..‬‬
                                                                            ‫وتلك ھي عظمة سھيل‪.‬‬

‫فعلى الرغم من أنه أسلم يوم الفتح‪ ،‬لا قبله‪ ،‬نراه يصدق في اسلامه وفي يقينه‪ ،‬الى مدى الذي يتف ّوق فيه‬
                      ‫على كل نفسه‪ ،‬ويتح ّول الى عابد‪ ،‬زاھد والى فدائي مجاھد في سبيل ﷲ والاسلام‪.‬‬

   ‫ولما انتقل الرسول الى الرفيق الأعلى‪ ،‬لم يكد النبأ يبلغ مكة‪ ،‬وكان سھيل يومئذ مقيما بھا‪ ،‬حتى غشي‬
                                      ‫المسلمين ھناك من الھرج والذھول ما غشي المسلمين بالمدينة‪.‬‬

                      ‫واذا كان ذھول المدينة‪ ،‬قد ب ّدده أبو بكر رضي ﷲ عنه ساعتئذ بكلماته الحاسمة‪:‬‬
                                                          ‫" من كان يعبد محمد‪ ،‬فان محمدا قد مات‪..‬‬
                                                          ‫ومن كان يعبد ﷲ‪ ،‬فان ﷲ ح ّي لا يموت"‪..‬‬

   ‫فسيأخذنا العجب حين نرى سھيلا رضي ﷲ عنه ھو الذي وقف بمكة‪ ،‬نفس موقف أبي بكر بالمدينة‪.‬‬
  ‫فقد جمع المسلمين كلھم ھناك‪ ،‬ووقف يبھرھم بكلماته الناجعة‪ ،‬يخبرھم أن محمدا كان رسول ﷲ حقا‪..‬‬
   ‫وأنه لم يمت حتى أ ّدى الأمانة‪ ،‬وبلّغ الرسالة‪ .‬وأنه واجب المؤمنين به أن يمعنوا من بعده السير على‬

                                                                                           ‫منھجه‪.‬‬
    ‫وبموقف سھيل ھذا‪ ،‬وبكلماته الرشيدة وايمانه الوثيق‪ ،‬درأ الفتنة التي كادت تقلع ايمان بعض الناس‬

                                                                ‫بمكة حين بلغھم نبأ وفاة الرسول‪!!..‬‬
                            ‫وفي ھذا اليوم أكثر من سواه تألقت نبوءة رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم‪.‬‬

                                      ‫ألم يكن لعمر يوم استأذنه في نزع ثنيتي سھيل أثناء أسره ببدر‪:‬‬
                                                                    ‫" دعھا فلعلھا تسرك يوما"‪..‬؟!‬

   ‫ففي ھذا اليوم‪ ..‬وحين بلغ المسلمين بالمدينة موقف سھيل بمكة وخطابه الباھر الذي ثبت الايمان في‬
     ‫الأفئدة‪ ،‬تذكر عمر بن الخطاب نبوءة الرسول‪ ..‬وضحك طويلا‪ ،‬اذ جاء اليوم الذي انتفع فيه الاسلام‬
                                         ‫بثنيتي سھيل اللتين كان عمر يريد تھشيمھما واقتلاعھما‪!!..‬‬

                                               ‫**‬

                                                                      ‫عندما أسلم سھيل يوم الفتح‪.‬‬

                                                               ‫‪292‬‬
   287   288   289   290   291   292   293   294   295   296   297