Page 291 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 291
www.islamicbulletin.comرﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ
عندئذ آمنت قريش أنه لا جدوى من محاولاتھا وقررت أن تلجأ الى المفاوضة والصلح ..واختارت لھذه
المھمة أصلح زعمائھا لھا ..وكان سھيل بن عمرو..
رأى المسلمون سھيلا وھو مقبل عليھم فعرفوه ،وأدركوا أن قريشا آثرت طريق التفاھم والمصالحة ،ما
دامت قد بعثت آخر الأمر سھيلا..
وجلس سھيل بين يدي الرسول ،ودار حوار طويل انتھى بالصلح..
وحاول سھيل أن يكسب لقريش الكثير ..وساعده على ذلك ،التسامح النبيل والمجيد الذي كان الرسول
عليه الصلاة والسلام يديره في التفاوض والصلح..
ومضت الأيام ،ينادي بعضھا بعضا ،جتى جاءت السنة الثامنة من الھجرة ..وخرج الرسول والمسلمون
لفتح مكة بعد أن نفضت قريش عھدھا وميثاقھا مع رسول ﷲ.
وعاد المھاجرون الى وطنھم الذين أخرجھم بالأمس كارھين..
عادوا ،ومعھم الأنصار الذين آووھم في مينتھم وآثروھم على أنفسھم..
وعاد الاسلام كله ،تخفق في جو السماء راياته الظافرة..
وفتحت مكة جميع أبوابھا..
ووقف المشركون في ذھول ..ترى ماذا سيكون اليوم مصيرھم ،وھم الذين أعملوا بأسھم في المسلمين
من قبل قتلا ،وحرقا ،وتعذيبا ،وتجويعا..؟!
ولم يشأ الرسول الرحيم أن يتركھم طويلا تحت وطأة ھذه المشاعر المذلة المنھكة.
فاستقبل وجوھھم في تسامح وأناة ،وقال لھم ونبرات صوته الرحيم تقطر حنانا ورفقا:
" يا معشر قريش..
ما تظنون أني فاعل بكم"..؟؟
ھنالك تقدم خصم الاسلام بالأمس سھيل بن عمرو وقال مجيبا:
" نظن خيرا ،أخ كريم ،وابن أخ كريم".
وتألقت ابتسامة من نور على شفتي حبيب ﷲ وناداھم:
" اذھبوا...
فأنتم الطلقاء"!!..
لم تكن ھذه الكلمات من الرسول المنتصر لتدع انسانا ح ّي المشاعر الا أحالته ذوبا من طاعة وخجل ،بل
وندم..
وفي نفس اللحظة استجاش ھذا الموقف الممتلئ نبلا وعظمة ،كل مشاعر سھيل بن عمرو فأسلم رب
العالمين.
ولم يكن اسلامه ساعتئذ ،اسلام رجل منھزم مستسلم للمقادير.
بل كان كما سيكشف عنه مستقبله فيما بعد اسلام رجل بھرته وأسرته عظمة محمد وعظمة الدين الذي
يتص ّرف محمد وفق تعاليمه ،ويحمل في ولاء ھائل رايته ولواءه!!..
**
أطلق على الذين أسلموا يوم الفتح اسم الطلقاء ..أي الذين نقلھم عفو الرسول من الشرك الى الاسلام
حين قال لھم:
291