Page 301 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 301

‫‪ www.islamicbulletin.com‬رﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ‬

    ‫" ان له قولا كالسحر‪ ،‬يف ّرق بين الرجل وابيه‪ ..‬والرجل وأخيه‪ ..‬والرجل وزوجته‪ ..‬ونا نخشى عليك‬
                                               ‫وعلى قومك منه‪ ،‬فلا تكلمه ولا تسمع منه حديثا"‪!!..‬‬
                                                      ‫ولنصغ للطفيل ذاته يروي لنا بقية النبأ فيقول‪:‬‬

                                       ‫" فوﷲ ما زالوا بي حتى عزمت ألا أسمع منه شيئا ولا ألقاه‪..‬‬
                 ‫وحين غدوت الى الكعبة حشوت أذن ّي كرسفا كي لا أسمع شيئا من قوله اذا ھو تحدث‪..‬‬
 ‫وھناك وجدته قائما يصلي عند الكعبة‪ ،‬فقمت قريبا منه‪ ،‬فأبي ﷲ الا أن يسمعني بعض ما يقرأ‪ ،‬فسمعت‬

                                                                                      ‫كلاما حسنا‪..‬‬
 ‫وقلت لنفسي‪ :‬واثكل أمي‪ ..‬وﷲ اني لرجل لبيب شاعر‪ ،‬لا يخفى عل ّي الحسن من القبيح‪ ،‬فما يمنعني أن‬

                   ‫أسمع من الرجل ما يقول‪ ،‬فان كان الذي يأتي به حسن قبلته‪ ،‬وان كان قبيحارفضته‪.‬‬
  ‫ومكثت حتى انصرف الى بيته‪ ،‬فاتبعته حتى دخل بيته‪ ،‬فدخلت وراءه‪ ،‬وقلت له‪ :‬يا محمد‪ ،‬ان قومك قد‬

    ‫حدثوني عنك كذا وكذا‪ ..‬فوﷲ ما برحوا يخ ّوفوني أمرك حتى سددت أذن ّي بكرسف لئلا أسمع قولك‪..‬‬
                                   ‫ولكن ﷲ شاء أن أسمع‪ ،‬فسمعت قولا حسنا‪ ،‬فاعرض عل ّي أمرك‪..‬‬
                                                 ‫فعرض الرسول عل ّي الاسلام‪ ،‬وتلا عل ّي من القرآن‪..‬‬

      ‫فأسلمت‪ ،‬وشھدت شھادة الحق‪ ،‬وقلت‪ :‬يا رسول ﷲ‪ :‬اني امرؤ مطاع في قومي واني راجع اليھم‪،‬‬
   ‫وداعيھم الى الاسلام‪ ،‬فادع ﷲ أن يجعل لي آية تكون عونا لي فيما أدعھوھم اليه‪ ،‬فقال عليه السلام‪:‬‬

                                                                              ‫اللھم اجعل له آية"‪..‬‬

                                               ‫**‬

                         ‫لقد أثنى ﷲ تعالى في كتابه على " الذين يسمعون القول فيتبعون أحسنه"‪..‬‬
                                                            ‫وھا نحن أولاء نلتقي بواحد من ھؤلاء‪..‬‬

                                                       ‫انه صورة صادقة من صور الفطرة الرشيدة‪..‬‬
   ‫فما كاد سمعه يلتقط بعض آيات الرشد والخير التي أنزلھا ﷲ على فؤاد رسوله‪ ،‬حتى تفتح كل سمعه‪،‬‬
   ‫وكل قلبه‪ .‬وحتى بسط يمينه مبايعا‪ ..‬ليس ذلك فحسب‪ ..‬بل ح ّمل نفسه من فوره مسؤولية دعوة قومه‬

                                                    ‫وأھله الى ھذا الدين الحق‪ ،‬والصراط المستقيم‪!..‬‬

   ‫من أجل ھذا‪ ،‬نراه لا يكاد يبلغ بلده وداره في أرض دوس حتى يواجه أباه بالذي من قلبه من عقيدة‬
‫واصرار‪ ،‬ويدعو أباه الى الاسلام بعد أن ح ّدثه عن الرسول الذي يدعو الى ﷲ‪ ..‬حدثه عن عظمته‪ ..‬وعن‬

                                              ‫طھره وأمانته‪ ..‬عن اخلاصه واخباته رب العالمين‪..‬‬
                                                                             ‫وأسلم أبوه في الحال‪..‬‬

                                                                          ‫ثم انتقل الى أمه‪ ،‬فأسلمت‬
                                                                           ‫ثم الى زوجه‪ ،‬فأسلمت‪..‬‬

‫ولما اطمأن الى أن الاسلام قد غمر بيته‪ ،‬انتقل الى عشيرته‪ ،‬والى أھل دوس جميعا‪ ..‬فلم يسلم منھم أحد‬
                                                                   ‫سوى أبي ھريرة رضي ﷲ عنه‪..‬‬

‫ولقد راحوا يخذلونه‪ ،‬وينأون عنه‪ ،‬حتى نفذ صبره معھم وعليھم‪ .‬فركب راحلته‪ ،‬وقطع الفيافي عائدا الى‬
                                     ‫رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم يشكو اليه ويتز ّود منه بتعاليمه‪..‬‬

                                                               ‫‪301‬‬
   296   297   298   299   300   301   302   303   304   305   306