Page 304 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 304
www.islamicbulletin.comرﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ
وراح الرسول يدعو عليھم ،ويبتھل الى ربه الكريم أن ينزل بھم عقابه..
واذ ھو يدعو ويدعو ،تنزل الوحي على قلبه بھذه الآية الكريمة..
) ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليھم أو يعذبھم ،فانھم ظالمون(..
وفھم الرسول من الآية أنھا أمر له بالكف عن الدعاء عليھم ،وترك أمرھم الى ﷲ وحده..
فا ّما أن يظلوا على ظلمھم ،فيح ّل بھم عذابه..
أو يتوب عليھم فيتوبوا ،وتدركھم رحمته..
كان عمرو بن العاص أحد ھؤلاء الثلاثة..
ولقد اختار ﷲ لھم طريق التوبة والرحمة وھداھم الى الاسلام..
وتحول عمرو بن العاص الى مسلم مناضل .والى قائد من قادة الاسلام البواسل..
وعلى الرغم من بعض مواقف عمرو التي لا نستطيع أن نقتنع بوجھة نظره فيھا ،فان دوره كصحاب ّي
جليل بذل وأعطى ،ونافح وكافح ،سيظل يفتح على محيّاه أعيننا وقلوبنا..
وھنا في مصر بالذات ،سيظل الذين يرون الاسلام دينا قيما مجيدا..
ويرون في رسوله رحمة مھداة ،ونعمة موجاة ،ورسول صدق عظيم ،دعا الى ﷲ على بصيرة ،وألھم
الحياة كثيرا من رشدھا وتقاھا..
سيظل الذين يحملون ھذا الايمان مشحوذي الولاء للرجل الذي جعلته الأقدار سببا ،وأي سبب ،لاھداء
الاسلام الى مصر ،واھداء مصر الى الاسلام ..فنعمت الھداية ونعم مھديھا..
ذلكم ھو :عمرو بن العاص رضي ﷲ عنه..
ولقد تع ّود المؤرخون أن ينعتوا عمرا بـ فاتح مصر..
بيد أنا نرى في ھذا الوصف تجوزا وتجاوزا ،ولعل أحق النعوت بعمرو أن ندعوه بـ محرر مصر..
فالاسلام لم يكن يفتح البلاد بالمفھوم الحديث للفتح ،انما كان يحررھا من تسلط امبراطوريتين سامتا
العباد والبلاد سوء العذاب ،تانك ھما:
امبراطورية الفرس.ز وامبراطورية الروم..
ومصر بالذات ،يوم أھلت عليھا طلائع الاسلام كانت نھبا للرومان وكان أھلھا يقاومون دون جدوى..
ولما د ّوت فوق مشارف بلادھم صيحات الكتائب المؤمنة أن:
" ﷲ أكبر..
ﷲ أكبر"..
سارعوا جميعا في زحام مجيد صوب الفجر الوافد وعانقوه ،واجدين فيه خلاصھم من قيصر ومن
الرومان..
فعمرو بن العاص ورجاله ،لم يفتحوا مصر اذن ..انما فتحوا الطريق أمام مصر لتصل بالحق مصايرھا..
وتربط بالعدل مقاديرھا ..وتجد نفسھا وحقيقتھا في ضوء كلمات ﷲ ،ومبادئ الاسلام..
ولقد كان رضي ﷲ عنه حريصا على أن يباعد أھل مصر وأقباطھا عن المعركة ،ليظل القتال محصورا
بينه وبين جنود الرومان الين يحتلون البلاد ويسرقون أرزاق أھلھا..
من أجل ذلك نجده يتحدث الى زعماء النصارى يومئذ وكبار أشاقفتھم ،فيقول:
" ...ان ﷲ بعث محمدا بالحق وأمره به..
وانه عليه الصلاة والسلام ،قد أ ّدى رسالته ،ومضى بعد أن تركنا على الواضحة أي الطريق الواضح
المستقيم..
304