Page 307 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 307

‫‪ www.islamicbulletin.com‬رﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ‬

     ‫ولقد انفرجت عن غلبة ساحقة لأرطبون العرب‪ ،‬وداھيتھم الخطير عمرو ابن العاص‪ ،‬على أرطبون‬
    ‫الروم الذي ترك جيشه للھزيمة وولى ھاربا الى مصر‪ ،‬التي سيلحقه بھا عمرو بعد قليل‪ ،‬ليرفع فوق‬

                                                                        ‫ربوعھا الآمنة راية الاسلام‪.‬‬

                                               ‫**‬

                                              ‫وما أكثر المواقف التي تألق فيھا ذكاء عمرو ودھاؤه‪.‬‬
  ‫وان كنا لا نحسب منھا بحال موقفه من أبي موسى الأشعري في واقعة التحكيم حين اتفقا على أن يخلع‬
  ‫كل منھما عليا ومعاوية‪ ،‬ليرجع الأمر شورى بين المسلمين‪ ،‬فأنفذ أبو موسى الاتفاق‪ ،‬وقعد عن انفاذه‬

                                                                                            ‫عمرو‪.‬‬
    ‫واذا اردنا أن نشھد صورة لدھائه‪ ،‬وحذق بديھته‪ ،‬ففي موقفه من قائد حصن بابليون أثناء حربه مع‬
 ‫الرومان في مصر وفي رواية تاريخية أخرى أنھا الواقعة التي سنذكرھا وقعت في اليرموك مع أرطبون‬

                                                                                            ‫الروم‪..‬‬
‫اذ دعاه الأرطبون والقائد ليحادثه‪ ،‬وكان قد أعطى أمرا لبعض رجاله بالقاء صخرة فوقه اثر انصرافه من‬

                                             ‫الحصن‪ ،‬وأع ّد كل شيء ليكون قتل عمرو أمرا محتوما‪..‬‬
‫ودخل عمرو على القائد‪ ،‬لا يريبه شيء‪ ،‬وانفض لقاؤھما‪ ،‬وبينما ھو في الطريق الى خارج الحصن‪ ،‬لمح‬

                                             ‫فوق أسواره حركة مريبة حركت فيه حاسة الحذر بش ّدة‪.‬‬
                                                                    ‫وعلى الفور تص ّرف بشكل باھر‪.‬‬

‫لقد عاد الى قائد الحصن في خطوات آمنة مطمئنة وئيدة ومشاعر متھللة واثقة‪ ،‬كأن لم يف ّرعه شيء قط‪،‬‬
                                                                              ‫ولم يثر شكوكه أمر!!‬

                                                                          ‫ودخل على القائد وقال له‪:‬‬
       ‫لقد بادرني خاطر أردت أن أطلعك عليه‪ ..‬ان معي حيث يقيم أصحابي جماعة من أصحاب الرسول‬
 ‫السابقين الى الاسلام‪ ،‬لا يقطع أمير المؤمنين أمرا دونمشورتھم‪ ،‬ولا يرسل جيشا من جيوش الاسلام الا‬
 ‫جعلھم على رأس مقاتلته وجنوده‪ ،‬وقد رأيت أن آتيك بھم‪ ،‬حتى يسمعوا منك مثل الذي سمعت‪ ،‬ويكونوا‬

                                                            ‫من الأمر على مثل ما أنا عليه من بيّنة‪..‬‬
                                         ‫وأدرك قائد الروم أن عمرا بسذاجة قد منحه فرصة العمر‪!!..‬‬
     ‫فليوافقه اذن على رأيه‪ ،‬حتى اذا عاد ومعه ھذا العدد من زعماء المسلمين وخيرة رجالھم وقوادھم‪،‬‬

                                             ‫أجھز عليھم جميعا‪ ،‬بدلا من أن يجھز على عمرو وحده‪..‬‬
                      ‫وبطريقة غير منظورة أعطى أمره بارجاء الخطة التي كانت مع ّدة لاغتيال عمرو‪..‬‬

                                                              ‫و ّدع عمرو بحفاوة‪ ،‬وصافحه بحرارة‪،‬‬
                                                          ‫وابتسم داھية العرب‪ ،‬وھو يغادر الحصن‪..‬‬

    ‫وفي الصباح عاد عمرو على رأس جيشه الى الحصن‪ ،‬ممتطيا صھوة فرسه‪ ،‬التي راحت تقھقه في‬
                                                                             ‫صھيل شامت وساخر‪.‬‬

                                    ‫أجل فھي الأخرى كانت تعرف من دھاء صاحبھا الشيء الكثير‪!!..‬‬

                                                               ‫‪307‬‬
   302   303   304   305   306   307   308   309   310   311   312