Page 306 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 306

‫‪ www.islamicbulletin.com‬رﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ‬

                                               ‫**‬

                                        ‫وياليت عمرو بن العاص كان قد قاوم نفسه في حب الامارة‪..‬‬
                                   ‫اذن لكان قد تف ّوق كثيرا على بعض المواقف التي و ّرطه فيھا الحب‪.‬‬
              ‫على أن حب عمرو الامارة‪ ،‬كان الى حد ما‪ ،‬تعبيرا تلقائيا عن طبيعته الجياشة بالمواھب‪..‬‬
  ‫بل ان شكله الخارجي‪ ،‬وطريقته في المشي وفي الحديث‪ ،‬كانت تومي الى أنه خلق للامارة‪ !!..‬حتى لقد‬
                     ‫روي أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رآه ذات يوم مقبلا‪ ،‬فابتسم لمشيته وقال‪:‬‬

                                          ‫" ما ينبغي لأبي عبدﷲ أن يمشي على الأرض الا أميرا"‪!..‬‬
                                                     ‫والحق أن أبا عبدﷲ لم يبخس نفسه ھذا الحق‪..‬‬

 ‫وحتى حين كانت الأحداث الخطيرة تجتاح المسلمين‪ ..‬كان عمرو يتعامل مع ھذه الأحداث بأسلوب أمير‪،‬‬
                         ‫أمير معه من الذكاء والدھاء‪ ،‬والمقدرة ما يجعله واثقا بنفسه معتزا بتفوقه‪!!..‬‬

  ‫ولكن معه كذلك من الأمانة ما جعل عمر بن الخطاب وھو الصارم في اختيار ولاته‪ ،‬واليا على فلسطين‬
                                             ‫والأردن‪ ،‬ثم على مصر طوال حياة أمير المؤمنين عمر‪...‬‬

   ‫حين علم أمير المؤمنين عمر أن عمرا قد جاوز في رخاء معيشته الحد الذي كان أمير المؤمنين يطلب‬
      ‫من ولاته أن يقفوا عنده‪ ،‬ليظلوا دائما في مستوى‪ ،‬أو على الأقل قريبين من مستوى عامة الناس‪..‬‬

‫نقول‪ :‬لو علم الخليفة عن عمرو كثرة رخائه‪ ،‬لم يعزله‪ ،‬انما أرسل اليه محمد بن مسلمة وأمره أن يقاسم‬
         ‫عمرا جميع أمواله وأشيائه‪ ،‬فيبقي له نصفھا ويحمل معه الى بيت المال بالمدينة نصفھا الآخر‪.‬‬

‫ولو قد علم أمير المؤمنين أن حب عمرو للامارة‪ ،‬يحمله على التفريط في مسؤولياته‪ ،‬لما احتمل ضميره‬
                                                                    ‫الرشيد ابقاءه في الولاية لحظة‪.‬‬

                                               ‫**‬

                                 ‫وكان عمرو رضي ﷲ عنه حا ّد الذكاء‪ ،‬قوي البديھة عميق الرؤية‪..‬‬
  ‫حتى لقد كان أمير المؤمنين عمر رضي ﷲ عنه‪ ،‬كلما رأى انسانا عاجز الحيلة‪ ،‬ص ّك كفيّه عجبا وقال‪:‬‬

                                                                                  ‫" سبحان ﷲ‪!!..‬‬
                                                   ‫ان خالق ھذا‪ ،‬وخالق عمرو بن العاص اله واحد!!‬

                                                                         ‫كما كان بالغ الجرأة مقداما‬
   ‫ولقد كان يمزج جرأته بدھائه في بعض المواطن‪ ،‬فيظن به الجبن أو الھلع‪ ..‬بيد أنھا سعة الحيلة‪ ،‬كان‬

                             ‫عمرو يجيد استعمالھا في حذق ھائل ليخرج نفسه من المآزق المھلكة‪!!..‬‬
‫ولقد كام أمير المؤمنين عمر يعرف مواھبه ھذه ويقدرھا قدرھا‪ ،‬من أجل ذلك عندما أرسله الى الشام قبل‬

  ‫مجيئه الى مصر‪ ،‬قيل لأمير المؤمنين‪ :‬ان على رأس جيوش الروم بالشام أرطبونا أي قائدا وأميرا من‬
                                                                 ‫الشجعان الدھاة‪ ،‬فكان جواب عمر‪:‬‬

                           ‫" لقد رمينا أرطبون الروم‪ ،‬بأرطبون العرب‪ ،‬فلننظر ع ّم تنفرج الأمور"‪!!..‬‬

                                                               ‫‪306‬‬
   301   302   303   304   305   306   307   308   309   310   311