Page 14 - merit 39 feb 2022
P. 14
العـدد 38 12
فبراير ٢٠٢2
إبراهيم البوعبدلاوي
(المغرب)
القارئ مؤ ِّوًل للشعر..
هانس روبيرت ياوس والبحث
عن المعنى في ذهن القارئ
إن الاهتمام بالقارئ قد حفزه على بذل جهد تأويلي كبير ،وذلك
للمساهمة في استقصاء كنه النص وجعله يبوح بما يختزن من دلالات
وقيم ثقافية .ولعل النص الشعري كان أبرز النماذج التطبيقية التي
استأثرت باهتمام رواد هاته النظرية خاصة هانس روبيرت ياوس.
ففي اللحظة التي حاول فيها بيان مردودية نظريته من الناحية
الإجرائية ،استعان بقصيدة بودلير« :سبلين» .وفي إطارها تبين له
مدى فعالية ما اقترحه من أطر نظرية ،والتي بواسطتها أعاد النظر في
التوجهات التي كانت سائدة قبله.
الأدب لا يستطيع أن يسلط الضوء إلا على عوامل برز الاهتمام بالقارئ في وقت متأخر من مسار
مؤثرة خارجة عن إطار الآثار الأدبية ،كما أنه يقود
إلى التطوير المفرط للدراسة المتعلقة بمصادر النص، الدراسات النقدية والأدبية ،إذ إنه ظل حلقة مهملة
ويدعو إلى معالجة خصوصية الأثر الأدبي اعتما ًدا في تاريخ الفكر الفلسفي والفني ،وذلك بعده مكو ًنا
على شبكة من التأثيرات يمكن للمؤرخ مضاعفتها هامشيَّا لا أثر له في مسار تكوين النص الأدبي
كلما أراد ذلك»(.)2 والفني بشكل عام .ولقد استحوذ في البداية على
هذا المسار ما يمكن أن نسميه بالمناهج السياقية
يأتي بعد هذا النوع من المناهج نوع آخر اهتم التفسيرية ،والتي اهتمت بالكاتب وظروف الكتابة،
بالنص في ذاته ،وع ّده كو ًنا مكتفيًا بنفسه ،يحيل على فحاولت البحث في المؤثرات التي رسمت وحددت
اشتغاله الداخلي فقط .إن هذا النوع من المناهج جعل
معالم النص« .وهكذا شكل قطب المؤلف نقطة
النص بؤرته المركزية ،ولذلك نظر إليه بع ِّده خ َّزا ًنا تقاطع بين مجموعة من الدراسات النقدية الممثلة
ثقافيًّا ودلاليًّا تنبع منه كل المسارات التأويلية .إن في المناهج التاريخية والنفسية والاجتماعية ،المنبثقة
خارج النص عبارة عن وهم ،فكل شيء يوجد في
الداخل ،ولهذا نادى هذا التيار بموت المؤلف انطلا ًقا أسا ًسا من روح الفلسفة الوضعية والفرويدية
من مقولات الشكلانية الروسية والبنيوية ممثلة والماركسية»( .)1ويؤخذ على هاته المناهج أنها قائمة
في رائدها رولان بارث .يقول ياوس موض ًحا أن على مبدأ التفسير السببي المأخوذ من العلوم الحقة،
هذا النوع من المناهج جاء كنتيجة مباشرة للرفض
«وكانت النتيجة واضحة وضوح الشمس ،لأن
تطبيق مبدأ التفسير السببي الخالص على تاريخ