Page 15 - merit 39 feb 2022
P. 15
13 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
وكيفية تعامل القراء مع النصوص ،وبيان المفاهيم الواضح للمناهج التفسيرية المغيبة للشروط
الأساسية التي تؤطر نظريته ،وأنواع القراءات التي الجمالية التي تميز النصوص الفنية« :لم يتأخر
الرد على الوضعية ،فقد استحوذ تاريخ الروح على
هي كفيلة ببيان القيم الفنية والجمالية التي يحفل الأدب ووضع مقابل التفسير السببي للتاريخ ،الذي
بها النص ،والتي تجعله مفهو ًما ومفس ًرا بطريقة يستند إلى العلية ،جمالية الإبداع ،باعتبارها بدي ًل
لا عقلانيًّا ،وعمد إلى البحث عن تماسك عالم الشعر
جيدة. من خلال تكرار الأفكار والحوافز العابرة للزمن»(.)3
تصور هانس روبيرت ياوس :المفاهيم إن اهتمام المناهج السياقية بالمؤلف ،والمناهج
المؤطرة لمشروعه النصية بالنص ،ولَّد ر َّدة فعل عنيفة اتجهت نحو
القارئ ،ذلك العنصر الذي ظل مل ًغى في سيرورة
قدم هانس روبيرت ياوس درسه الافتتاحي في الفكر الفلسفي والنقدي .وهكذا ،برز تيار فلسفي
جامعة كونسطونس سنة 1967تحت عنون: كبير عني بالمتلقي وكيفية تفاعله مع النص والمسار
الذي يقطعه في تقبله؛ «وبذلك نجد أن العمر المنهجي
«تاريخ الأدب كتح ٍّد لعلم الأدب» ،بيَّن فيه الخطوط الحديث ينطوي على ثلاث لحظات :لحظة المؤلف،
العريضة لمشروعة في التلقي الأدبي .إذ رأى أن
الدراسات الأدبية بعد الحرب العالمية ،خاصة وتمثلت في نقد القرن التاسع عشر التاريخي،
بألمانيا ،لم تراوح مكانها من المقاربات التلازمية النفسي ،والاجتماعي ..ثم لحظة النص التي جسدها
التي لا تفصل في العملية الإبداعية بين المؤلف
النقد البنائي في الستينيات من هذا القرن ،وأخي ًرا
والنص ،في حين همشت ،وبدرجة كبيرة ،عنص ًرا لحظة القارئ أو المتلقي كما في اتجاهات ما بعد
ها ًّما وبار ًزا في العملية الإبداعية ألا وهو القارئ. البنيوية ،ولاسيما نظرية التلقي في السبعينات
منه»(.)4
«وهكذا قدم أطروحته الأساسية التي اعتبرها
(تح ِّد ًيا) من أجل كتابة تاريخ جديد يعتمد على تعد بداية السبعينيات لحظة ظهور هذا النوع من
مفاهيم أساسية يعتقد بأنها هي التي ستمكننا من المناهج ،كان ذلك في ألمانيا على يد كل من «هانس
تاريخ أدبي ـ يكاد يكون مثاليًّاـ يجمع إليه كل ما روبيرت ياوس» و»فولفغانغ إيزر» وطلاب جامعة
يعتري النصوص الأدبية عبر أزمنة قراءتها»(.)6
وقد حاول أن يضع في أطروحته مجموعة من كونسطونس .ويعد هذان الفيلسوفان واضعي
البدائل ،التي في نظره ستعوض التاريخ الأدبي أسس هذه المدرسة ،انطلا ًقا من تنظيراتهما
الخاص والعام. وتطبيقاتهما التي اهتمت بالثقافة والنص الألمانيين
وبما أن اهتمام ياوس كان تاريخيًّا بالدرجة الأولى، وكيفية تلقيهما عبر التاريخ.
في محاولة لإعادة تب ُّين كيف تلقى السابقون إن للتلقي نظريات عديدة ،لكن الفضل في ر ِّد
النصوص في زمنها ،وكيف يتلقاها القراء في أزمنة الاعتبار للقارئ ،بع ِّده مكو ًنا أساسيًّا ضمن العملية
أخرى بعد ذلك ،فإنه عمد إلى الإجابة عن عدة الإبداعية ،يرجع إلى مدرسة كونسطونس ،إذ إن
إشكالات كان أهمها« :كيف يمكن التمييز بين تلقي روادها هم الذين التفتوا إلى التهميش الذي لحق
الأعمال زمن ظهورها وتلقيها في الزمن المعاصر»(،)7 المتلقي على الرغم من دوره الفاعل والأساس في فهم
النص وتحيينه .وإذا لم يكن للتلقي نظرية واحدة،
وذلك من خلال عدة مفاهيم أساسية ،لعل أهمها فإن «الجامع الذي يوحد بين المنتسبين إليها هو
مفهوم :أفق التوقع. الاهتمام المطلق بالقارئ ،والتركيز على دوره الفعال
-1أفق التوقع: كذات واعية لها نصيب الأسد من النص وإنتاجه
يؤكد روبيرت هولب في كتابه« :نظرية التلقي، وتداوله وتحديد معانيه»(.)5
مقدمة نقدية» على أن مفهوم أفق التوقع ليس وسنعرض في هذه المقالة ما جاء به هانس روبيرت
مفهو ًما جدي ًدا في اللحظة التي بدأ ياوس استعماله
فيها ،ذلك أن هذا المفهوم كان رائ ًجا في حقل ياوس من تصورات حول طبيعة التلقي الأدبي،