Page 16 - merit 39 feb 2022
P. 16
العـدد 38 14
فبراير ٢٠٢2
علاقة مشروعة معها ،ضما ًنا لاستمراريته ،وبالتالي الدراسات الفلسفية والفنية في ألمانيا ،إذ إن ك ًّل من
امتدا ًدا لطاقته الجمالية ،إنها بصيغة أخرى علاقة جادامر وهوسرل وهايدغر استعملوه كل من وجهة
تفاعلية محكومة بسياقها الثقافي العام ،ولذا فهي
لا تغدو أن تكون تناس ًل وتوات ًرا للنصوص الفنية نظر معينة ،إضافة إلى كارل بوبر وكارل مانهايم
فيما بينها»(.)12 اللذين سبقا ياوس بزمن طويل .من ث َّم فإن أفق
« -مدى المعرفة أو التمييز بين اللغة الشعرية أو التوقع يقع في رقعة عريضة من السياقات ،تمتد من
الجمالية واللغة العلمية والعادية بين العالم التخييلي النظرية الظواهرية الألمانية إلى تاريخ الفن(.)8
والعالم اليومي»( .)13إن القارئ إذا كان بمقدوره تناول ياوس هذا المفهوم بطريقة غامضة ،معتم ًدا
في ذلك على ما يوجد في ذهن القارئ؛ إذ لم يحدد
إدراك نوع المفارقة القائمة بين وظيفة لغة شعرية المقصود المباشر من هاته المقولة ،فتركها للمشترك
تختزن قي ًما اختلافية وذات فعالية كبيرة ،ووظيفة
لغة واقعية يومية ،فإن بمقدوره تحديد المواصفات العام عند القراء« .وربما ظهر مصطلح أفق
التوقعات لكي يشير إلى نظام ذاتي مشترك أو بنية
الجمالية للأدب. من التوقعات؛ إلى نظام من العلاقات أو جهاز عقلي
لا شك أن ياوس إذ يعمد إلى وضع هاته النقط التي يستطيع فرد افتراضي أن يواجه به أي نص»( .)9إن
كل فرد ،حال مجابهته لأي نص ،يضع في حسبانه
تؤطر مفهومه هذا ،فإنه يفترض في قارئه إلما ًما مجموعة من التوقعات ،والتي يشترك فيها مع عدد
بقواعد الجنس الأدبي الذي يندرج ضمنه النص،
وكذا التقاطعات التي يمكن أن تقع له مع نصوص آخر من القراء ،وذلك انطلا ًقا من معايير محددة.
وعليه ،فإن القارئ لا ينبري لقراءته وهو خالي
أخرى ،أو ما يسمى بالكفاية التناصية .وهو إذ
يمتلك هاته الأمور ،فإنه يعرف النصوص التي لها الذهن ،وإنما متسل ًحا بمعرفته القبلية عن الجنس
الذي ينتمي إليه النص وعن الخصائص التي
السبق التاريخي ،وهنا يستطيع الجزم بإمكانية تؤطره.
تأثر نصه بهذا النص أو ذاك.
ويؤكد ياوس على أن العمل الأدبي يبقى ويدوم
سعى ياوس إلى التوفيق بين بنيات النص؛ أي ما بالقدر الذي يتفاعل معه القراء والمستهلكون ،وهذا
يرسمه النص من مسارات تأويلية وإمكانات دلالية،
لا يتأتى إلا انطلا ًقا من الفعالية التي يمارسها
وبين ما يتوفر عليه القارئ من معرفة مسبقة؛ إذ النص في مستوى أفق انتظار قرائه .وبمعنى آخر،
إن القارئ يكون متسل ًحا بمعارف سابقة تمكنه يدوم النص وتتضاعف قيمته بالقدر الذي يفتح فيه
نفسه على قراءات متعددة وتأويلات مختلفة ،تتنوع
من الانخراط والتفاعل مع الكون الذي يبنيه النص. بتنوع القراء ،وذلك انطلا ًقا من بنيته التي تثير في
وهنا نجد أن القيمة التي جعلها ياوس للقارئ القارئ توقعات ورؤى مختلفة .ويمكن تأطير أفق
تعادل النص بما يحمله من قيم فنية وجمالية.
-2تخييب أفق التوقع: التوقع من خلال النقط التالية:
يدخل القارئ عالم النص ،يتوقع ،انطلا ًقا من « -الخبرة السابقة التي يملكها الجمهور القارئ عن
جنسه ،عدة خصائص ومميزات ،يبدأ في تخمين ما النوع الأدبي الذي ينتمي إليه النص المقروء»()10؛
الذي سيتحدث عنه ،وذلك من خلال تساؤلات وبناء أي معرف ُة هذا القارئ للمعايير الجمالية السائدة أو
فرضيات ،أو ما يسميه أمبيرتو إيكو الطوبيك، بالشعرية المتعلقة بالجنس الأدبي خصوصا(.)11
والذي يعرفه بأنه «فرضية مرتبطة بالقارئ الذي « -التشكيلات الموضوعية التي يفترض النص
يقوم بصياغتها بطريقة بسيطة على شكل أسئلة من معرفته بها ،أو ما يسمى بكفاءة التناص» ،ذلك
نوع «ماذا يريد النص قوله؟» ،لتترجم في أجوبة أن أي نص أدبي «يتقصد وهو يقتحم ملكية غيره
من نوع «ربما يتعلق الأمر بالقضية الفلانية» ،ويعد من النصوص ،مستن ًدا إلى معرفته الضمنية أو
الصريحة ما تستنبطه هاتيك النصوص من تقاليد
من هذه الزاوية أداة سابقة على النص ولا يقوم وأعراف بممكنات الكتابة النصية ،قلنا يتغيا إقامة
النص إلا بافتراضها إما ضمنيًّا وإما بالإشارة إليها
صراحة من خلال مؤشرات»(.)14