Page 283 - merit 39 feb 2022
P. 283

‫‪281‬‬              ‫ثقافات وفنون‬

                 ‫غناء‬

‫هنري ديفيد ثورو‬  ‫ريتشارد فاجنر‬                      ‫ج ج ناتياز‬                    ‫مختل ًفا لدور الموسيقي‪.‬‬
                                                                          ‫أن تكون موسيقيًّا وفق كاج هو‬
  ‫الاشتقاقي للكلمة) تصبح عم ًل‬          ‫هناك طريقة مغايرة لتصوره؛‬
 ‫موسيقيًّا طالما ُتفصح عن التعقيد‬      ‫أو بالأحرى الإصغاء للصوت‪،‬‬            ‫قبل كل شيء الإصغاء للعالم‪،‬‬
‫السماعي للصمت‪ .‬هو وللمفارقة؛‬            ‫الضوضاء‪ :‬وفي نهاية المطاف‬        ‫استقبال كل ممكناته الخلاقة؛ لا‬
                                         ‫فالعمل هو الذي يخلق الجو‪،‬‬        ‫تمثل الموسيقى إلا ممكنًا واح ًدا‬
     ‫استقصاء شهادة في مظهره‬         ‫والإشارة الوحيدة الدقيقة هنا هي‬       ‫من ممكنات عدة بالنسبة لخالق‬
 ‫السطحي زاخر في الواقع يسعى‬                                             ‫يعمل من أجل إبراز خلقه‪ .‬تواصل‬
                                                              ‫المدة‪.‬‬
    ‫إلى كشف تعددية هذا المفهوم‬              ‫“‪4‬دق ‪33‬ث” لا “تقول”‬              ‫الواقع بفكر كاج إن الصمت‬
   ‫للصمت الذي ينوس بين غياب‬            ‫شيئًا صوتيًّا؛ يالمقابل يمكن ان‬        ‫أسطورة متآمرة في ادعائها‬
 ‫نسبي للصمت وحضور “ضاج”‬                 ‫توقظ لدينا الشعور بالصوت‪،‬‬          ‫لإسكات الجلبة المحيطة؛ دونما‬
                                        ‫على اعتبار أن الصمت في هذه‬      ‫التوصل لذلك‪ .‬بحسب هذا المؤلف‬
              ‫للأصوات المختلفة‪.‬‬     ‫المقطوعة يشير إلى جملة الأصوات‬       ‫نسمي “صمت” الضوضاء التي‬
    ‫في المحصلة ليس الصمت عند‬                ‫غير المرغوبة من المؤلف‪.‬‬           ‫لا نرغب فيها و”موسيقى”‬
   ‫كاج “حضور في الغياب” لكنه‬         ‫هناك عمل آخر “صامت” لجون‬               ‫الضوضاء التي نرثيها‪ ،‬إ ًذا؛ لا‬
 ‫توصيف الواقع‪ .‬وهو في الحقيقة‬          ‫كاج يعتمد على تجميع عدد من‬         ‫وجود للصمت بالمعنى الحقيقي‬
                                         ‫الناس ليلعبوا إحدى الألعاب‬     ‫للكلمة إنما هناك حفيف متواصل‪،‬‬
       ‫يريد أن يؤكد أن في المعنى‬     ‫المعروفة (ورق‪ ..‬شطرنج‪ ..‬نرد‪..‬‬            ‫الذي هو في الواقع الحقيقة‬
       ‫المزعوم للفراغ الذي بلوره‬    ‫إلخ) في وضعية مضخمة صوتيًّا؛‬        ‫الأصلية للصمت‪ .‬حين طالب كاج‬
‫التعريف الكلاسيكي للصمت ينتج‬         ‫سوف يفسح هذا العمل للصمت‬             ‫بالصمت في الستينيات ليس من‬
 ‫رغم ذلك الحدث الواقعي؛ معلوم‬        ‫المصاحب لحصة شطرنج فيظهر‬           ‫جهة محو أي لغة؛ إنما حيث اللغة‬
     ‫أنه وفي فضاء عازل للصوت‬        ‫كما هو‪ :‬صمت ممتلئ بالضجيج‪،‬‬
‫يتصور الإنسان أي ًضا دوران الدم‬        ‫هذه المقطوعة الثورية (بالمعنى‬              ‫تشع لسماع الأصوات‪.‬‬
‫كما لو أنه صوت ضخم‪ ،‬والجهاز‬                                                    ‫في “‪4‬دق ‪33‬ث” (‪)1952‬‬
 ‫العصبي كما لو كان صو ًتا حا ًّدا‪.‬‬                                       ‫مقطوعة صامتة مهما كانت الآلة‬
‫وللمفارقة العجيبة لأن الصمت إ ًذا‬                                          ‫الأكثر استعما ًل تفتقد للتحديد‬
                                                                        ‫بينما هي أشد الآلات صمتًا؛ حيث‬
                                                                        ‫لا أثر لأي صوت‪ .‬يبرهن كاج من‬
                                                                          ‫خلال ذلك أنه لا وجود للصمت‬
                                                                         ‫طالما نسمع دائ ًما أصوا ًتا من هنا‬
                                                                            ‫وهناك‪ :‬الناس الذين يسعلون‬
                                                                           ‫(بل أليس من المثير للغرابة أن‬
                                                                            ‫المستمعين يسعلون عادة أثناء‬
                                                                            ‫الموسيقي الرقيقة ج ًّدا وناد ًرا‬
                                                                            ‫ما يحدث ذلك اثناء الموسيقي‬
                                                                        ‫متوسطة الحدة) الذين يعطسون؛‬
                                                                          ‫يقومون؛ أو باب ينفتح من جهة‬
                                                                            ‫ما‪ .‬ليس هناك لا‪ -‬عمل ولكن‬
   278   279   280   281   282   283   284   285   286