Page 279 - merit 39 feb 2022
P. 279

‫‪277‬‬  ‫ثقافات وفنون‬

     ‫كتب‬

   ‫يأتي به السارد متعل ًقا بإحدى‬          ‫المشهدية حال الوقوف عند‬            ‫والظاهر‪ ،‬والذي مكن الكاتب‬
‫الشخصيات داخل المشهد الواحد‪،‬‬         ‫الراهن المواكب للحظات الكتابة‪،‬‬       ‫من استخدام (الرمز) في قصة‪:‬‬
‫وأغلب الاستباقات جاءت متخيلة‪،‬‬       ‫والحاضر الكاشف عن التخيلات‬
                                       ‫والأحلام‪ ،‬والموروث الدال على‬         ‫الزلزال‪ ،‬حيث يقول‪« :‬الطوبة‬
   ‫أو في الأحلام‪ ،‬أي ًضا المعلومات‬  ‫السياق المجتمعي المنتج للقصص‪،‬‬         ‫المقيدة المسجونة في الحائط تئن‬
‫الحسية المختزنة في الذاكرة لم يتم‬     ‫فالتمزق النفسي الحاضر جعل‬           ‫ولا تشكو»‪ ،‬وفي قصة‪ :‬الصفعة‬
‫تحليلها من قبل الشخصيات‪ ،‬ربما‬          ‫شخصيات القصص ت َّواقة إلى‬           ‫يقول‪« :‬اخترعتم ما اسميتموه‬
                                       ‫الماضي أكثر‪ ،‬هنا يمكننا النظر‬    ‫الشيطان حتى تح ِّملوه جرائمكم»‪،‬‬
  ‫يبرر ذلك الغموض الذي سيطر‬           ‫إلى الخطاب والسرد من منظور‬
  ‫على كثير من قصص المجموعة‪.‬‬          ‫واحد‪ ،‬فالاعتماد على الاسترجاع‬          ‫وجاء التعبير عن (الاستلاب)‬
                                    ‫جعل الترابطات الزمنية لا تشكل‬       ‫رم ًزا في قصة‪ :‬نسيان‪ ،‬حيث يقول‬
       ‫اشتركت شخصيات معظم‬                                                ‫البطل‪« :‬لكن واح ًدا مثلي تما ًما في‬
‫قصص المجموعة في بعض الملامح‬                       ‫ترتيبًا موضوعيًّا‪.‬‬
                                        ‫اعتمد الكاتب أي ًضا على البناء‬   ‫آخر العربة كان حزينًا ج ًّدا‪ ،‬لأنه‬
     ‫منها‪ :‬المرور بتجربة الخوف‪،‬‬     ‫المتشظي للزمن النفسي في رسم‬             ‫فقد أو نسي روحه‪ ،‬وللآسف‬
  ‫والفرار من الحاضر إلى الدرجة‬         ‫صورة الشخصيات المطحونة‬                   ‫لم يجدها»! متص ًل بحال‬

    ‫التي تجعل الشخصية فريسة‬              ‫والممزقة‪ ،‬وتشخيص المكان‬        ‫(الاستلاب) أي ًضا في قصة‪ :‬كأنني‬
      ‫الشك‪ ،‬بالتالي وقوع المتلقي‬       ‫تشخي ًصا واقعيًّا‪ ،‬حيث الحياة‬     ‫حي‪ ،‬وقصة‪ :‬يضحك في جنازته‪.‬‬
     ‫فريسة للتساؤل‪ :‬هل القصة‬
                                          ‫المملوءة بالتناقضات‪ ،‬ربما‬              ‫خاتمة‬
    ‫حقيقية أم متخيلة؟ هذا الخلط‬           ‫يمنحنا ذلك فرصة لتفسير‬
    ‫بين الواقعي والمتخيل أدى إلى‬      ‫موقف الشخصيات من الماضي‬            ‫اعتمد الكاتب‪ :‬محسن عبد العزيز‬
 ‫تعدد وجهات النظر حول القصة‬             ‫‪-‬الذي اعتمد على الحنين إليه‬      ‫على التلميح بعي ًدا عن استنتاجات‬
     ‫الواحدة‪ ،‬فخيال الكاتب ربما‬           ‫واستحضاره‪ -‬من ناحية‪،‬‬
    ‫استبعد (أناه الحقيقية) ليحل‬       ‫والخوف منه من ناحية أخرى‪،‬‬             ‫المتلقي‪ ،‬ويمكننا اعتبار الكتابة‬
‫محلها (أنا مثالي) يرتبط بمفهومه‬         ‫فنجد أن (الاسترجاع) غالبًا‬        ‫وسيلة ج َّسد من خلالها الكاتب‬
    ‫وتصوره عن العالم الخارجي‬
                                                                            ‫خوف الشخصيات‪ ،‬من خلال‬
      ‫الذي يعيد كتابته من جديد‬                                                  ‫الحركة ورصد التفاصيل‬

                                                                        ‫الهوامش‪:‬‬

‫‪ -1‬عقيل حسين عقيل (‪« ،)2011‬الخوف وآفاق المستقبل»‪ ،‬ط‪ ،1‬شركة الملتقي للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪،‬‬
                                                                                                     ‫صـ‪.23‬‬

‫‪ -2‬موريس أبو ناصر (‪« ،)1983‬نظرية القصة بين التحليل النفسي والألسنية البنيوية»‪ ،‬مجلة الفكر العربي المعاصر‪،‬‬
                                                                                                      ‫ع ‪.23‬‬

‫‪ -3‬محمد نعيم فرحات (‪« ،)2007‬استبطان الخوف كعادة»‪ ،‬منشورات مؤتمر فيلادلفيا الدولي الحادي عشر‪ ،‬صـ‪.75‬‬
            ‫‪ -4‬سعيد يقطين (‪« ،)1997‬قال الراوي‪ :‬البنيات الحكائية في السيرة الشعبية»‪ ،‬ط‪ ،1‬المركز الثقافي العربي‪.‬‬
            ‫‪ -5‬لطيف زيتوني (‪« ،)2002‬معجم مصطلحات نقد الرواية»‪ ،‬ط‪ ،1‬دار النهار للنشر والتوزيع‪ ،‬صـ‪.176‬‬
                           ‫‪ -6‬عمر بلخير (‪« ،)2003‬تحليل الخطاب المسرحي»‪ ،‬ط‪ ،1‬منشورات الاختلاف‪ ،‬صـ‪.59‬‬
   274   275   276   277   278   279   280   281   282   283   284