Page 274 - merit 39 feb 2022
P. 274

‫العـدد ‪38‬‬                              ‫‪272‬‬

                                      ‫فبراير ‪٢٠٢2‬‬

      ‫وتقابلت مع أعداد كبيرة من‬            ‫نكروما من الأنسة فتحية عام‬            ‫بعد هزيمته إلى خارج البلاد‪ ،‬أو‬
    ‫الشباب المصري الذي يعمل في‬         ‫‪ 1960‬وأنجب منها جمال وسامية‬               ‫يطلب اللجوء السياسي إلى أحد‬
‫مجال التجارة‪ ،‬لم يصل إلى الشعب‬        ‫وسيكو‪ ،‬وأطلق الشعب على السيدة‬            ‫الدول المجاورة لغانا أو ‪-‬على أقل‬
    ‫الغاني فكرة الشراء عن طريق‬                                                    ‫تقدير‪ -‬يحاول أن يفسد أجواء‬
‫الأقساط الشهرية وذلك فيما يخص‬            ‫فتحية لقب عروس النيل‪ ،‬وأول‬            ‫الانتصار للرئيس الجديد ويعرقل‬
 ‫الأدوات المنزلية والملابس والسلع‬          ‫كلمة قالها السائق لي عند أول‬         ‫المسيرة الديمقراطية‪ ،‬ولكنه سلم‬
   ‫المهمة‪ ،‬لذلك فإن هؤلاء الشباب‬          ‫زيارة لغانا عندما علم أنني من‬        ‫السلطة وكان عو ًنا للرئيس الغاني‬
  ‫يجلبون هذه السلع ويذهبون بها‬        ‫مصر‪« :‬السيدة الأولى لغانا مصرية‬              ‫الجديد السيد نانا أدو دانكوا‪.‬‬
 ‫إلى البيوت لعرضها عليهم وبيعها‬        ‫واسمها فتحية»‪ ،‬والعجيب أنهم لا‬
                                        ‫يزالون يلقبونها في غانا بالسيدة‬            ‫لقد كان بقاء الرئيس المهزوم‬
      ‫بأقساط مريحة‪ ،‬ثم يحددون‬                                                  ‫داخل وطنه‪ ،‬ودون عرقلة المسيرة‬
  ‫أشخا ًصا يتولون مهمة جمع تلك‬                      ‫الأولى رغم وفاتها!‬        ‫الديمقراطية‪ ،‬هي أكثر الأشياء التي‬
                                        ‫وفي عام ‪ 1966‬حدث إنقلاب على‬            ‫أذهلتني‪ ،‬ولذلك تعد غانا من أعظم‬
             ‫الأقساط في موعدها‪.‬‬        ‫نكروما واستنجدت السيدة الأولى‬            ‫الديمقراطيات الناشئة في أفريقيا‬
 ‫ويعمل المصريون بطريقة قانونية‪،‬‬          ‫بالزعيم جمال عبد الناصر الذي‬
                                       ‫أرسل طائرة خاصة لها ولأولادها‬                  ‫بشهادة جميع دول العالم!‬
  ‫وتحدثت مع الكثير منهم ولمست‬          ‫لتقلهم إلى وطنهم مصر‪ ،‬لكن عند‬
     ‫فيهم الإعجاب بطبيعة الشعب‬                                                  ‫علاقة مصر والعرب‬
                                          ‫وفاتها أصرت الحكومة الغانية‬                ‫بدولة غانا‬
 ‫الغاني‪ ،‬وطيبته‪ ،‬وأنه شعب مهذب‬             ‫والرئيس الغاني «چون كوفي‬
    ‫يحترم القانون ويعشق وطنه‪.‬‬                                                       ‫أعظم الفترات التي مرت على‬
     ‫وما لاحظته هو أن المصريين‬         ‫كوفور» على استقبال جثمانها كي‬          ‫العلاقات المصرية الغانية‪ ،‬هي فترة‬
                                        ‫تدفن بجوار زوجها الذي يعشقه‬
‫ينخرطون في المجتمع الغاني بشكل‬         ‫الشعب رغم الانقلاب عليه وفراره‬             ‫تحررهم من براثن الاستعمار‪،‬‬
  ‫رائع ومتحضر‪ ،‬لأنهم وجدوا في‬           ‫إلى غينيا ووفاته هناك‪ ،‬ولقد أعاد‬       ‫وكانت مصر في طليعة الدول التي‬
 ‫غانا با ًبا للرزق يجب الحفاظ عليه‬      ‫الغانيون جثمان زعيمهم نكروما‬
                       ‫وتنميته‪.‬‬         ‫بعد سنوات‪ ،‬ل ُيدفن في وطنه‪ ،‬وله‬          ‫وقفت بجوار غانا لتحريرها من‬
  ‫أما أكثر الجاليات العربية تواج ًدا‬  ‫نصب تذكاري عظيم في مدينة أكرا‬              ‫الاستعمار البريطاني حتي نالت‬
                                         ‫ُيعد مزا ًرا سياحيًّا شهي ًرا هناك‪.‬‬   ‫الاستقلال في السادس من مارس‬
‫في غانا فهي الجالية اللبنانية‪ ،‬الذين‬   ‫في الفترة التي أعقبت وفاة الزعيم‬       ‫عام ‪ ،1957‬وكان أول رئيس لدولة‬
‫لهم نشاط تجاري وسياحي ضخم‬             ‫جمال عبد الناصر ضعفت العلاقات‬
‫في غانا‪ ،‬وأكبر المشروعات التجارية‬                                                 ‫غانا هو «كوامي نكروما» (‪21‬‬
‫والمتاجر الضخمة يملكها لبنانيون‪،‬‬          ‫مع غانا‪ ،‬وما زالت العلاقة بين‬       ‫سبتمبر ‪ 27 -1909‬إبريل ‪)1972‬‬
 ‫وهم أيضا يتاجرون في المحاصيل‬           ‫البلدين ليست كما يجب أن تكون‬
                                        ‫رغم أثر مصر الطيب هناك‪ .‬لكن‬                 ‫الذي صادف أن التقى بفتاة‬
    ‫الزراعية التي تشتهر بها غانا‪،‬‬      ‫على المستوى الشعبي‪ ،‬أذكر بعض‬           ‫مصرية أعجبته‪ ،‬هي السيدة فتحية‬
   ‫وهناك سلسلة مطاعم للوجبات‬          ‫الأمثلة على قوة العلاقة بين البلدين‬
   ‫السريعة هي الأكبر والأشهر في‬                                                   ‫رزق باخوم (‪)2007 -1932‬‬
  ‫غانا تعرف باسم «مروانكو» على‬                                 ‫شعبيًّا‪.‬‬           ‫وطلب الزواج منها‪ ،‬لكن طلبه‬
 ‫اسم صاحبها مروان والذي يقدم‬            ‫قابلت في أحد المرات جنرا ًل غانيًّا‬       ‫ُقوبل بالرفض من والدتها‪ ،‬فما‬
    ‫لزبائنه الغانيين أطباقه اللذيذة‬                                           ‫كان منه إلا أن طلب وساطة الزعيم‬
 ‫من الشاورما والدجاج والبطاطس‬              ‫يعمل في مطار أكرا اسمه أنو‬             ‫جمال عبد الناصر‪ ،‬الذي طمأن‬
‫المقلية مع العصائر الطازجة‪ .‬كذلك‬        ‫السادات‪ ،‬وحين سألته عن اسمه‬           ‫والدتها‪ ،‬بأنها في الوقت الذي تحب‬
   ‫يمتلك اللبنانيون أكبر المتاجر في‬     ‫قال بكل فخر إنه على اسم رئيس‬           ‫أن ترى ابنتها سوف تجد الطائرة‬
‫غانا مثل «چاسمن مول» و»مالكوم‬          ‫مصر السابق! ولقد بدأ المصريون‬          ‫التي تقلع بها إلى غانا‪ ،‬لأنه سيجعل‬
                                       ‫في الاتجاه إلى سوق العمل الغاني‪،‬‬         ‫الرحلات إلى غانا يومية‪ ،‬وتزوج‬
     ‫بالاس مول» الشهير بفروعه‬
   269   270   271   272   273   274   275   276   277   278   279