Page 277 - merit 39 feb 2022
P. 277

‫‪275‬‬          ‫ثقافات وفنون‬

             ‫كتب‬

‫لطيف زيتوني‬  ‫عقيل حسين عقيل‬                       ‫سعيد يقطين‬             ‫كأنني حي‪ ،‬وشخصية الطفل‬
                                                                       ‫الذي فقد كلبه الأحمر في قصة‪:‬‬
  ‫للانفعال‪ ،‬أما كيف يخاف؟ ومن‬        ‫ماذا أفعل معها؟ ولماذا تطاردني‬
   ‫أي شيء يخاف؟ فإنه يكتسب‬               ‫هكذا؟ تقفز في حجري حين‬          ‫الكلب الأحمر‪ ،‬فيقول‪« :‬الذئب‬
    ‫ذلك من خلال التنشئة‪ ،‬أحيا ًنا‬                                     ‫الآن على الناحية الأخرى للترعة‪،‬‬
   ‫يكون الخوف من السلطة التي‬         ‫أتكلم‪ ،‬وتصعد إلى فمي تعد عليَّ‬
  ‫تشبه الرقابة‪ ،‬تلك التي يفرضها‬         ‫حركات الشفاه‪ ،‬متى أبتسم‪،‬‬        ‫وأنا يأكلني الخوف»‪ ،‬كأن من‬
   ‫الضمير على الإنسان‪ ،‬وتسبب‬                                              ‫مرادفات الخوف (التوجس)‬
 ‫له صرا ًعا داخليًّا‪ ،‬اتضح ذلك في‬  ‫ومتى أغضب‪ ،‬وإذا تكلمت بصوت‬
‫قصة‪ :‬أشجار الخوف‪ ،‬حيث يقول‬             ‫منخفض‪ ،‬أحس بها تدخل في‬          ‫في قصة‪ :‬الجسر الطويل‪ ،‬حيث‬
 ‫البطل «كان الطاغية الجبار يربي‬         ‫حلقي‪ ،‬تتوقف قلي ًل تسترق‬       ‫يقول الطفل الخائف «على جسر‬
 ‫الكلب‪ ،‬يطعمه اللحوم‪ ،‬ويلذ له أن‬       ‫الصوت من منابعه»‪ ،‬وسيادة‬
‫يجعل الكلب بجانبه أثناء سيره في‬                                            ‫الترعة‪ ،‬الطريق طويل ملت ٍو‬
 ‫الطريق‪ ،‬يخيف خلق الله‪ ،‬ويزرع‬      ‫التشاؤم والإحساس باللاجدوي‪،‬‬         ‫كثعبان‪ ،‬وأعواد الذرة المنتصبة‬
    ‫في قلوبهم الرهبة‪ ،‬حتى نبتت‬          ‫في قصة‪ :‬الكومبارس‪ ،‬حيث‬       ‫على الجانبين تبث الرعب في قلوب‬
‫أشجار الخوف على جانبي الطريق‬           ‫يقول البطل الذي يعمل ممثل‬        ‫الرجال‪ ،‬أتذكر أبي وهو يقول‪:‬‬
                                                                     ‫إنني رجل ويجب ألا أخاف‪ ..‬وها‬
                       ‫الطويل»‪.‬‬     ‫كومبارس‪« :‬نقف‪ ،‬يأكلنا الخوف‬        ‫أنذا أحاول‪ ،‬لكن من يمنع قلبي‬
      ‫ولأن (الإقصاء) من دلالات‬          ‫بلا سبب‪ ،‬ننتظر أن يضربنا‬      ‫من الخفقان بسرعة»‪ ،‬و(الحذر)‬
‫الخوف‪ ،‬نراه في قصة‪ :‬الديكتاتور‬         ‫لنرتمي على الأرض‪ ،‬ونصرخ‬          ‫في قصة‪ :‬الصفعة‪ ،‬حيث يقول‬
   ‫يشاهد التليفزيون‪ ،‬حيث يقول‬          ‫نصرخ ‪-‬وهو يكيل اللكمات‪-‬‬        ‫البطل «أعرف أنهم لا يصدقون‪،‬‬
 ‫البطل «جلس الديكتاتور العجوز‬
 ‫أمام شاشة التلفاز يشاهد افتتاح‬      ‫ولا يسمعنا أحد‪ ،‬إنهم يصفقون‬           ‫فأنا لا أصفعهم جمي ًعا مرة‬
‫أحد المشروعات في بلده بعد أن تم‬        ‫للبطل»‪ .‬فالاحتفاء بقوة البطل‬       ‫واحدة‪ ،‬إنما أصفع كل واحد‬
                                         ‫الرئيسي‪ ،‬وإعلاء شأنه‪ ،‬قد‬    ‫بمفرده‪ ،‬لأنني أخشي أن يتكاثروا‬
                                                                     ‫عليَّ ويضربوني أو ربما يقتلوني‪.‬‬
                                     ‫يكون من أسباب الخوف أي ًضا‪،‬‬     ‫وزيادة في الاحتياط فإنني أتسلل‬
                                      ‫ولأن (الخوف) لا يو َّرث‪ ،‬لكن‬   ‫من التلفزيون ببطء شديد‪ ،‬أصفع‬
                                      ‫المرء يولد به كاستعداد فطري‬    ‫أحد المشاهدين وأعود سري ًعا قبل‬
                                                                      ‫أن يلتئم جرح الشاشة‪ ،‬وأقع في‬
                                                                      ‫المصيدة»‪ .‬ثقافة الخوف هنا تعد‬
                                                                      ‫تمهي ًدا لثقافة (العنف) ومحاولة‬
                                                                     ‫رفض (الآخر)‪ ،‬ففي قصة‪ :‬سيدة‬
                                                                       ‫وطفلان يتجلى ذلك بوضوح في‬
                                                                      ‫تحول شخصية الأم من الغضب‬
                                                                       ‫والعنف مع أطفالها التي أنفقت‬
                                                                     ‫ما تملك من نقود على مستلزمات‬
                                                                       ‫دراستهم‪ ،‬إلى الهدوء والوداعة‪،‬‬
                                                                      ‫بعد أن أعطاها أحد الركاب مبل ًغا‬
                                                                     ‫من المال‪ ،‬الخوف أي ًضا قد يسبب‬
                                                                       ‫للإنسان أحاسيس نفسية مؤلمة‬
                                                                     ‫مثل (الوساوس) في قصة‪ :‬الأذن‪،‬‬
                                                                         ‫حيث يقول البطل «الأذن التي‬
                                                                       ‫تطاردني في كل مكان لا أعرف‬
   272   273   274   275   276   277   278   279   280   281   282