Page 278 - merit 39 feb 2022
P. 278

‫الذي يأتي بذكر حدث لاحق عن‬        ‫الخوف يختفي عند إدراك الإنسان لحقيقة‬
  ‫زمن السرد كتوقع ويأتي مكثِّ ًفا‬    ‫ما يخيفة‪ ،‬أو إدراكه لقوته الحقيقية في‬
                                    ‫مواجهة الشىء المخيف‪ ،‬ولأن الخوف يعد‬
      ‫للتفاصيل‪ ،‬كما أن استخدام‬      ‫محوًرا أساس ًّيا قائ ًما على الذكريات المؤلمة‬
‫ضمير المتكلم الذي يحتفي بالذات‬        ‫في القصص القائمة على المعاناة‪ ،‬نجد‬
                                     ‫بطل قصة‪ :‬لا‪ ،‬يقول‪" :‬أنا اللهب القاسي‬
    ‫الساردة في انتقالها من العالم‬    ‫كي أطهركم‪ .‬أنا القتيل‪ ،‬وأنا الضوء‪ ،‬لقد‬
      ‫الخارجي إلى العالم النفسي‬     ‫خلقت قلوب العاشقين من جنون الشمس‬
                                     ‫التي كانت أول شاهد علينا‪ ،‬حين صممتم‬
  ‫الداخلي أدى إلى تداخل الأزمنة؛‬
   ‫لأن السرد بضمير المتكلم يبرز‬                       ‫على قتلي"‪.‬‬
‫شخصية السارد بوصفه مشار ًكا‬
    ‫في اللحظة القصصية‪ ،‬ويؤدي‬               ‫ارتكزت على الشخصيات‬         ‫خلعه‪ ،‬ثم مال على زوجته وهمس‪:‬‬
    ‫إلى انعدام الحاجز الزمني بين‬     ‫المفزوعة‪ ،‬وخوفها ومعاناتها في‬         ‫كل هؤلاء الرؤساء والملوك لا‬
 ‫زمن السرد وزمن السارد‪ ،‬ولأن‬        ‫قصة‪ :‬لماذا يريدون قتلي؟ وقصة‪:‬‬
 ‫«المونولوج كخطاب غير مسموع‬          ‫قسوة‪ ،‬إذ يرتبط الخوف بإدراك‬         ‫قيمة لهم إذا غضب الشعب‪ ..‬آه‬
 ‫وغير منطوق تعبر به الشخصية‬           ‫الإنسان لنفسه على أنه ضعيف‬       ‫من غضب الشعب‪ ..‬قالها وأغمض‬
   ‫عن أفكارها الحميمة لا يخضع‬       ‫بالقياس إلى ما يخيفه‪( ،‬المراوغة)‬
                                    ‫أي ًضا من أبرز تجليات الخوف في‬                             ‫عينيه»‪.‬‬
                ‫لعمل المنطق»(‪.)5‬‬                                           ‫نلاحظ هنا أن الخوف يختفي‬
      ‫ففي قصص المجموعة نجد‬                           ‫قصة‪ :‬الذبابة‪.‬‬         ‫عند إدراك الإنسان لحقيقة ما‬
‫المونولوج غير المباشر الذي يختلط‬                                        ‫يخيفة‪ ،‬أو إدراكه لقوته الحقيقية‬
    ‫فيه كلام الشخصية الرئيسية‬         ‫ثان ًيا‪ :‬تداخل الأزمنة‬            ‫في مواجهة الشىء المخيف‪ ،‬ولأن‬
 ‫بكلام السارد في قصص‪ :‬الآذان‪،‬‬           ‫وآلية المونولوج‬
 ‫والخنفسة والحائط المائل‪ ،‬وعجل‬                                               ‫الخوف يعد محو ًرا أساسيًّا‬
 ‫الطلوقة‪ ،‬ويشبه أميتاب باتشان‪.‬‬            ‫إذا افترضنا أن الزمن يعد‬          ‫قائ ًما على الذكريات المؤلمة في‬
   ‫والمونولوج المباشر الذي يدور‬     ‫«إطا ًرا للفعل وموضو ًعا للتجربة‬   ‫القصص القائمة على المعاناة‪ ،‬نجد‬
 ‫بين الشخصية الرئيسية وذاتها‪،‬‬                                            ‫بطل قصة‪ :‬لا‪ ،‬يقول‪« :‬أنا اللهب‬
    ‫ويستشعره المتلقي من خلال‬             ‫الإنسانية»(‪ ،)4‬فإن الزمن في‬     ‫القاسي كي أطهركم‪ .‬أنا القتيل‪،‬‬
      ‫تعبير الكاتب بصيغة المتكلم‬         ‫قصص المجموعة ارتكز على‬            ‫وأنا الضوء‪ ،‬لقد خلقت قلوب‬
    ‫في قصص‪ :‬كأنني حي‪ ،‬الكلب‬         ‫الانطلاق من الحاضر المعاش إلى‬           ‫العاشقين من جنون الشمس‬
       ‫الأحمر‪ ،‬والجلباب الجديد‪،‬‬        ‫الماضي الذي يتم استحضاره‬         ‫التي كانت أول شاهد علينا‪ ،‬حين‬
    ‫والجسر الطويل‪ ،‬ويضحك في‬           ‫اعتما ًدا على آلية (الاسترجاع)‪،‬‬   ‫صممتم على قتلي دون أن تخافوا‬
‫جنازته‪ ،‬و الذبابة‪ ،‬والحلمان م ًعا‪.‬‬    ‫والذي ساهم في إبراز المستقبل‬
‫وإذا اعتبرنا أن المونولوج دال على‬    ‫كمقابل له من خلال (الاستباق)‬                    ‫نظراتها الغاضبة»‪.‬‬
  ‫جدال بين متكلم خفي ومخاطب‬                                            ‫نلاحظ أي ًضا أن قصص المجموعة‬
   ‫خفي(‪ ،)6‬فالمونولوج في قصص‬
 ‫المجموعة يدور حول (الصراع)‪،‬‬
‫كما أن تداخل الأزمنة اكتسبت من‬
‫خلاله قصص المجموعة مشروعية‬
      ‫إحياء الماضي‪ ،‬ربما لمواجهة‬
 ‫الخوف الحالي القائم على تناقض‬
‫سلوكيات الشخصيات بين الباطن‬
   273   274   275   276   277   278   279   280   281   282   283