Page 68 - merit 39 feb 2022
P. 68

‫العـدد ‪38‬‬                           ‫‪66‬‬

                                                             ‫فبراير ‪٢٠٢2‬‬

‫خليفة الفاخري‬

‫(ليبيا)‬

‫بيع المراكب للريح‬

 ‫ومبهجة للحياة لو أنني اكتفيت بذلك‪ ،‬غير أن حل ًما‬  ‫وما أنا غير سه ٍم في هواء‪ ..‬يعود ولم يجد فيه‬
                  ‫أحمق أخذ يعشش في قاع قلبي‪.‬‬       ‫امتساكا‬
                                ‫حكايتي عجيبة‪..‬‬     ‫المتنبي‬

   ‫كنت أزحف ذات ليلة عبر الأعشاب الندية‪ ،‬وكان‬                                           ‫أخي عمر‪..‬‬
  ‫القمر يهطل شعاعاته فوقي تما ًما‪ ،‬وكانت السماء‬                                    ‫حكايتي عجيبة‪..‬‬
                                                   ‫لقد ألقاني الله ذات يوم في إحدى خرب بنغازي مثل‬
     ‫تبدو كلية العمق والصفاء‪ ،‬حتى أنني أغمضت‬                          ‫دودة‪ ،‬وقال فيما كان يودعني‪:‬‬
‫عيني مباشرة‪ ،‬وطفقت أحلق داخل فقاعة من الحلم‬              ‫– افتح عينيك جي ًدا‪ ،‬وابحث عن فرصك هناك‪.‬‬
                                                     ‫ثم اختفى فجأة مثل شبح مبارك‪ ،‬وتركني وحي ًدا‬
            ‫الوردي‪ ،‬طفقت أحلم بأن أكون طائ ًرا‪.‬‬                       ‫أبحث بعناء قاتل عن طريق ما‪.‬‬
                       ‫‪ ..‬وكان ذلك بداية الغربة!‬                          ‫كنت مجرد دودة حقيقية‪..‬‬
                                     ‫أخي عمر‪..‬‬           ‫وفيما طفقت أتلوى باحثًا عن ثغرة عبر ركام‬
                                                   ‫الأقذار‪ ،‬كانت الطيور تصفق بأجنحتها طوال الوقت‬
                  ‫‪ -‬الدود الملعون لا يملك أجنحة!‬   ‫في الأعالي‪ ،‬فوقي مباشرة‪ ..‬ثم تس ُّف شطر الأرض‪،‬‬
   ‫كذلك قال لي الرب بعينين مثل بحيرتين من دم‪،‬‬        ‫وتهوي بمناقيرها الحادة نحوي حتى أظل أتلوى‬
  ‫ثم اختفى فجأة مثل شب ٍح مبارك‪ ،‬وتركني وحي ًدا‬     ‫ألف مرة من الذعر‪ ،‬وأدفن نفسي فو ًرا في محاولة‬
                                                       ‫يائسة للبقاء حيًّا عبر أحد الثقوب‪ ،‬إلى أن أسمع‬
                   ‫أبحث بعناء قاتل عن طري ٍق ما‪.‬‬           ‫أجنحتها تصفق مرة أخرى صوب السماء‪.‬‬
         ‫وهتفت بكل ما أملك في أعماق من حرارة‪:‬‬                             ‫كنت مجرد دودة حقيقية‪..‬‬
                                                     ‫ولقد تعلمت حينذاك آلاف الحيل للاختباء في قعر‬
                              ‫‪ -‬أنا أحتاج إليك‪..‬‬        ‫ثقوب الأرض‪ ،‬والهروب أمام الطيور العملاقة‬
‫ولكنه كان قد تخلى عني تما ًما‪ ،‬فيما غمر قلبي حزن‬        ‫القاتلة‪ ،‬وكان من الممكن أن تكون حياتي سهلة‬
‫حالك وشعور بالفقد‪ ،‬وبأنني سأذرع بقية أيامي في‬

                                   ‫وحدة كاملة‪.‬‬
                                ‫حكايتي عجيبة‪..‬‬
                           ‫أردت ان أكون طائ ًرا‪.‬‬
  ‫وفيما كنت أتطلع إلى سموات الله الرحيبة بعينين‬
    ‫حالمتين‪ ،‬وإلى مواسم الهجرة والأشرعة المتخمة‬
   63   64   65   66   67   68   69   70   71   72   73