Page 209 - merit 40 apr 2022
P. 209

‫‪207‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

    ‫الفيلمي‪ ،‬ويجعل المصور‬           ‫زميلته في العمل‪ ،‬ورسالة‬           ‫فتسأله‪ :‬لم إذن؟ ليقول‬
      ‫شديد الحساسية تجاه‬              ‫أخرى من إيفا كانت قد‬        ‫بحكمة‪ :‬لأننا قابلون للكسر‪،‬‬
‫لقطاته وتكويناتها‪ ،‬والاهتمام‬
‫بجميع المُمثلين الجالسين إلى‬     ‫أرسلتها له أثناء العشاء تقول‬        ‫جميعنا‪ ،‬البعض منا أكثر‬
   ‫منضدة العشاء‪ ،‬والتنويع‬            ‫له فيها‪ :‬ليس لديك فكرة‬       ‫من الآخر‪ ،‬أنت على حق‪ ،‬لقد‬
                                                                 ‫أصبح هذا صندوقنا الأسود‪،‬‬
        ‫بين اللقطات القريبة‪،‬‬       ‫كم أرغب فيك الليلة! فيقوم‬
    ‫والقريبة ج ًّدا‪ ،‬أو العامة‪،‬‬  ‫بحذفها‪ ،‬وحينما تسأله بيانكا‬         ‫إنه يحتوي على كل شيء‬
   ‫والمتوسطة‪ .‬ويجعل كتاب‬                                         ‫بداخله‪ ،‬ربما أكثر من اللازم‪،‬‬
 ‫السيناريو شديدي الدقة في‬           ‫عما يفعل‪ ،‬يرد عليها بأنه‬     ‫ومن الخطأ التلاعب به‪ ،‬لكني‬
    ‫كتابته لا سيما أنه يعتمد‬       ‫يرسل رسالة لإيفا وروكو‬
 ‫اعتماد كليًّا على الحوار فقط؛‬     ‫يشكرهما فيها على العشاء‪،‬‬        ‫ليس لدي ما أخفيه‪ ،‬يمكنك‬
  ‫الأمر الذي يجعلهم حذرين‬                                        ‫أن تفعلي به ما ترغبين‪ ،‬يمكن‬
‫بمهارة في تطوره التدريجي‪،‬‬                    ‫والليلة الجميلة‪.‬‬
‫ويجعل المُمثلين على استعداد‬         ‫لتعود الكامير للانتقال إلى‬       ‫إلقاء نظرة‪ ،‬لا يوجد رقم‬
   ‫دائم لل ُمنافسة فيما بينهم‬      ‫كارلوتا ولي لي حينما عادا‬                         ‫سري‪.‬‬
     ‫للتعبير عن الشخصيات‬          ‫إلى منزلهما‪ ،‬بينما يسرع لي‬
    ‫بدقة‪ ،‬وإظهار انفعالاتهم‬       ‫لي إلى الحمام لتفحص هاتفه‬         ‫يضع روكو هاتفه أمامها‬
    ‫الدقيقة على وجوههم‪ ،‬لا‬       ‫ُمتأم ًل الصورة الجديدة التي‬    ‫بجوار الفراش‪ ،‬بينما ُيلاحظ‬
‫سيما أنهم ناد ًرا ما يتحركون‬     ‫أرسلتها له رفيقته‪ ،‬في الوقت‬       ‫قرطيها اللذين تخلعهما من‬
 ‫من أماكنهم‪ ،‬بل إن المُغامرة‬      ‫الذي ُتسرع فيه كارلوتا إلى‬      ‫أذنيها ليسألها عما إذا كانت‬
   ‫الكبرى هنا تخص المُخرج‬         ‫غرفة النوم لارتداء سروالها‬      ‫قد اشترت قرطين جديدين؛‬
     ‫الذي غامر بإخراج مثل‬
  ‫هذا الفيلم الصعب‪ ،‬محاو ًل‬             ‫الداخلي خفية‪ .‬لتعاود‬         ‫لتومئ له برأسها‪ .‬أي أن‬
      ‫إدارة فريق عمل الفيلم‬         ‫الكاميرا الانتقال إلى بيبي‬   ‫المُخرج هنا انطلق ‪-‬كما سبق‬
‫بالكامل‪ُ ،‬محاف ًظا على حيويته‬    ‫الذي يعود وحي ًدا في سيارته‬
     ‫وتصاعده حتى النهاية‪.‬‬                                          ‫أن قلنا‪ -‬من فرضية «ماذا‬
                                                  ‫إلى حبيبه‪.‬‬       ‫لو»‪ ،‬ماذا لو كانت كل هذه‬
      ‫كما لا يفوتنا أن الفيلم‬        ‫إن الفيلم الإيطالي «غرباء‬     ‫الأحداث السابقة قد حدثت‬
       ‫يحمل مضمونه داخل‬                                            ‫بالفعل إذا لم يرفض روكو‬
‫العنوان بشكل فيه الكثير من‬              ‫تما ًما» لل ُمخرج باولو‬     ‫لعب هذه اللعبة؟ بالتأكيد‬
   ‫ال ُسخرية‪ ،‬فرغم أن جميع‬           ‫جنويس ليس ُمجرد فيلم‬           ‫لانهارت حياة الجميع كما‬
  ‫هؤلاء الأشخاص يرتبطون‬             ‫شديد الجودة من الناحية‬         ‫رأينا‪ ،‬ولتعرى الجميع أمام‬
      ‫مع بعضهم البعض إما‬           ‫الفنية‪ ،‬لا سيما السيناريو‪،‬‬
    ‫بالصداقة‪ ،‬أو الزواج‪ ،‬إلا‬        ‫وأداء المُمثلين فيه‪ ،‬بل هو‬       ‫بعضهم البعض‪ ،‬ولعرف‬
‫أنهم لا يعرفون أي شيء عن‬              ‫ُمغامرة فنية على الحافة‬           ‫روكو أن زوجته التي‬
‫بعضهم البعض‪ ،‬وبالتالي فهم‬
  ‫بالفعل غرباء تما ًما‪ ،‬وليس‬            ‫تما ًما بالنسبة لجميع‬       ‫اقترحت اللعبة تخونه مع‬
                                  ‫العاملين فيه‪ ،‬إما أن تستمر‬                ‫صديقه كوزيمو‪.‬‬
            ‫كما يظنون هم!‬         ‫في وتيرة الصعود التدريجي‬
                                                                 ‫إن هذا الحوار الدائر بين إيفا‬
                                     ‫جاذبة إليها المُشاهد‪ ،‬وإلا‬   ‫وروكو يحمل فلسفة الفيلم‬
                                    ‫سقطت فجأة من ذهن من‬
                                 ‫يراها؛ فيحجم عن الاستمرار‬       ‫التي رغب المُخرج في الحديث‬
                                   ‫في ُمتابعتها‪ ،‬وهو ما يجعل‬       ‫عنها‪ ،‬أو بالأحرى تحذيرنا‬
                                 ‫المُونتير شديد اليقظة لاختيار‬       ‫منها‪ ،‬و ُسرعان ما تنتقل‬
                                     ‫القطع المُناسب‪ ،‬والمشاهد‬     ‫الكاميرا إلى كوزيمو وبيانكا‬
                                                                     ‫التي تقود السيارة بينما‬
                                       ‫الحيوية فقط في السرد‬
                                                                 ‫كوزيمو ينظر في هاتفه حيث‬
                                                                   ‫جاءته رسالة من حبيبته‪/‬‬
   204   205   206   207   208   209   210   211   212   213   214