Page 208 - merit 40 apr 2022
P. 208

‫العـدد ‪40‬‬                                ‫‪206‬‬

                                ‫أبريل ‪٢٠٢2‬‬                           ‫كونه مثليًّا‪ ،‬فكيف سيقف‬
                                                                      ‫أمام المحكمة‪ ،‬والقاضي‪،‬‬
  ‫على ُمراقبتهم‪ ،‬صحيح أنها‬           ‫أمام المرآة لتضع أحمر‬            ‫والمُحامي‪ ،‬وأقاربه ليخبر‬
     ‫أحيا ًنا ما تفك حصارها‬      ‫الشفاه‪ُ ،‬مخبرة إياه بأن أمه‬
                                 ‫قد هاتفته وأنها قد أخبرتها‬                   ‫الجميع بمثليته؟‬
   ‫عنهم بابتعادها؛ لتنقل لنا‬      ‫بأنه سيصبح أ ًبا قريبًا‪ ،‬ثم‬      ‫يطلب منه روكو أن يعرفهم‬
‫اجتماعهم حول مائدة الطعام‬       ‫ُتقبل شفتي بيبي ُمخبرة إياه‬        ‫بحبيبه في المرة القادمة‪ ،‬لكن‬
 ‫في لقطات عامة ‪،Full Shot‬‬       ‫بأنه على حق‪ ،‬وعليه ألا يقدم‬
                                                                      ‫بيبي يرد عليه‪ :‬لن أقدمه‬
  ‫لكنها لقطات ُمتأملة أي ًضا‪،‬‬       ‫حبيبه لهم‪ ،‬والاحتفاظ به‬         ‫لكم‪ ،‬ليس لأنني خائف من‬
   ‫وربما تكون ُمزدرية لهم‬         ‫لنفسه فقط حتى لا يؤذيه‪.‬‬          ‫كلماتك‪ ،‬لقد سمعت ما يكفي‬
    ‫جمي ًعا؛ نظ ًرا لانقسامهم‬     ‫هذه الانهيارات الاجتماعية‬
 ‫النفسي وخداعهم لبعضهم‬                                                 ‫منها الليلة‪ ،‬ولكن لأنني‬
                                      ‫والأسرية المُتتالية التي‬     ‫أعرف أنه سيتعرض للأذى‬
                   ‫البعض‪.‬‬               ‫رأيناها في هذه الليلة‬      ‫من أول نظرة ُمندهشة‪ ،‬وأنا‬
   ‫تسرع بيانكا للخروج من‬                                            ‫لا أريد له أن يتأذى‪ ،‬أرغب‬
   ‫منزل روكو وإيفا‪ ،‬فيطلب‬          ‫العاصفة تؤكد أن جوانبنا‬         ‫في حمايته‪ ،‬إذا ما كنت تحب‬
   ‫روكو من كوزيمو اللحاق‬             ‫المُظلمة التي نحتفظ بها‬       ‫شخ ًصا ما؛ فعليك أن تحميه‬
  ‫بزوجته‪ ،‬هنا يعمل المُخرج‬             ‫داخلنا إذا ما انفجرت‬
                                                                                ‫من أي شيء‪.‬‬
     ‫الإيطالي باولو جنويس‬        ‫ستدمرنا قبل تدمير كل من‬                 ‫ربما كان الرد البليغ‪،‬‬
      ‫على التصعيد من فنية‬         ‫يحيطوننا؛ لذا فالفيلم يدفع‬        ‫الصادق الذي رد بيبي على‬
 ‫الفيلم ليصل إلى هدفه منه‪،‬‬         ‫ب ُمشاهده لإعادة النظر في‬          ‫روكو‪ ،‬من أفضل ال ُجمل‬
      ‫بالانقلاب ‪ Twist‬الذي‬                                            ‫والعبارات في الفيلم؛ فهو‬
 ‫يحدثه في فيلمه حينما نرى‬           ‫حياته مرة أخرى ب ُمجرد‬         ‫يؤكد لهم جمي ًعا بشكل غير‬
     ‫كوزيمو يلحق بزوجته‬            ‫الانتهاء منه‪ ،‬ولعل المُخرج‬          ‫ُمباشر بأنهم لا يحبون‬
  ‫أمام بيت روكو بينما تنظر‬         ‫كان من الحرفية ما جعله‬         ‫بعضهم البعض؛ لأنهم جمي ًعا‬
  ‫إلى القمر لتتشابك أيديهم‪،‬‬     ‫يوجه ُمدير التصوير الإيطالي‬          ‫يؤذون من يحبونهم‪ ،‬تب ًعا‬
‫ونرى كارلوتا أمام سيارتها‬         ‫‪ Fabrizio Lucci‬فابريزيو‬           ‫لما رآه أمامه في هذه الليلة‪،‬‬
  ‫طالبة من زوجها الإسراع‬           ‫لوتشي الذي صور الفيلم‬             ‫فالجميع يخونون الجميع‬
     ‫للعودة إلى البيت بسبب‬         ‫بحرفية عالية‪ ،‬لا سيما أن‬            ‫رغم علاقاتهم الزوجية‪،‬‬
    ‫برودة الجو‪ ،‬بينما يهبط‬          ‫المكان كان ُمغل ًقا وضي ًقا؛‬      ‫وادعائهم حبهم لبعضهم‬
‫بيبي وحي ًدا ليستقل سيارته‪،‬‬         ‫الأمر الذي جعل الكاميرا‬          ‫البعض‪ ،‬صحيح أن روكو‬
  ‫والأصدقاء يطلبون منه أن‬          ‫تتحول إلى ُمجرد شخص‬                 ‫وبيانكا يكادان أن يكونا‬
   ‫يأتي بالفتاة الجديدة التي‬        ‫شاخص للجميع‪ُ ،‬متأم ًل‬            ‫الوحيدين اللذين لم يخونا‬
   ‫ارتبط بها للتعارف عليها‪،‬‬                                             ‫شريكيهما‪ ،‬لكنهما كانا‬
   ‫فيخبرهم بأنها ب ُمجرد ما‬          ‫لهم‪ ،‬يتفحصهم بروية‪،‬‬           ‫يخفيان أمو ًرا عن شركائهما‬
  ‫ُتشفى سيأتي بها‪ ،‬وينتقل‬         ‫ناق ًل لنا تعبيرات وجوههم‬            ‫رغم أنها لا تؤذي أح ًدا‪.‬‬
  ‫بنا المُخرج إلى إيفا وروكو‬      ‫المُضطربة‪ ،‬الشاعرة أحيا ًنا‬      ‫يسمع كوزيمو صوت هاتفه‬
      ‫في غرفة نومهما بينما‬                                              ‫في الحمام حيث تنتحي‬
     ‫تسأله إيفا‪َ ِ :‬ل لم توافق‬        ‫بالقلق‪ ،‬وأحيا ًنا أخرى‬         ‫زوجته بيانكا؛ فيسرع إلى‬
  ‫على اللعبة؟ ليرد بهدوء‪ :‬لم‬      ‫بالارتياح المُؤقت‪ ،‬وغالبًا في‬     ‫الحمام محاو ًل كسر الباب‪،‬‬
  ‫تعجبني الفكرة‪ .‬فتقول‪ :‬لا‪،‬‬                                         ‫وحينما يفتحه يجدها تقف‬
‫لقد أصررت على عدم اللعب‪،‬‬           ‫انتظار كارثة مدوية لا بد‬
   ‫ألديك ما تخفيه؟ ليرد‪ :‬لا‪.‬‬       ‫من حدوثها لينفجر المكان‬
                                 ‫بالكامل إلى كارثة اجتماعية؛‬
                                    ‫لذا فالكاميرا ُتحاصرهم‬
                                   ‫تما ًما وكأنهم مسجونون‪،‬‬
                                 ‫بينما هي السجان الحريص‬
   203   204   205   206   207   208   209   210   211   212   213