Page 223 - merit 40 apr 2022
P. 223

‫الملف الثقـافي ‪2 2 1‬‬

    ‫القيم والمباديء الزائفة‬      ‫أثار فيلم «أصحاب ولا‬       ‫السينما في مواجهة الشذوذ المجتمعي‬
    ‫التي نعيش بها وندافع‬                                        ‫حين ظلموا فيلم «أصحاب ولا أعز»‬
  ‫عنها‪ ،‬ونتشدق بأفكارها‬           ‫أعز» ضجة واسعة فور‬
   ‫ليل نهار‪ ،‬ولكن بالتمعن‬         ‫انطلاقه عبر منصة «نت‬      ‫خالد حسان‬
‫وإطالة النظر نكتشف مدى‬            ‫فليكس»‪ ،‬وشن كثيرون‬
     ‫تهافتها واضمحلالها‪.‬‬
 ‫فأبرز ما يحيل إليه الفيلم‬          ‫حملات هجومية عليه‪،‬‬
   ‫هو ضرورة نقد الذات‪،‬‬          ‫كفيلم يطرح قي ًما اجتماعية‬
  ‫ومراجعة ما تدعيه طوال‬
    ‫الوقت‪ ،‬فأخطر أمراض‬            ‫لا تنتمي لمجتمعاتنا‪ ،‬وفي‬
  ‫المجتمع هو الادعاء‪ ،‬وأي‬           ‫الغالب إن هؤلاء الذين‬
  ‫ادعاء أفدح من ادعاء أننا‬
 ‫نعيش في مجتمع محافظ‪،‬‬            ‫راحوا يهاجمون الفيلم لم‬
‫فالحقيقة أننا ُمخ َّو ُخون من‬  ‫يشاهدوه‪ ،‬وبالكاد شاهدوا‬
  ‫الداخل‪ ،‬وفارغون تما ًما‪،‬‬
‫بل ومتناقضون مع أنفسنا‬            ‫بعض المشاهد‪ ،‬والتقطوا‬
  ‫ومع ما نتشدق به طوال‬            ‫بعض الجمل التي أخذوا‬
  ‫الوقت من قيم ومباديء‪.‬‬           ‫من خلالها يحكمون على‬
    ‫ربما تكمن جودة الفن‬         ‫الفيلم وصنَّاعه بمفارقتهم‬
 ‫عمو ًما في قدرته على إثارة‬     ‫للقيم المجتمعية‪ ،‬ورغباتهم‬
                                 ‫الدفينة في إشاعة الفحش‬
     ‫الأسئلة والتأمل فيما‬        ‫ونشر الرزيلة في مجتمع‬
  ‫اعتقدناه ثوابت‪ ،‬لا يمكن‬        ‫محافظ ونموذجي ‪-‬هكذا‬
  ‫المساس بها‪ ،‬وفضح ذلك‬          ‫ي َّدعون‪ -‬كمجتمعنا‪ ،‬وربما‬
‫الزيف القيمي الذي نعيشه‪،‬‬       ‫ساعدهم على ذلك حقيقة أن‬
                               ‫الفيلم مأخوذ ‪-‬أو منحوت‪-‬‬
    ‫وهو ما أرى أن صناع‬          ‫من فيلم إيطالي هو «غرباء‬
 ‫الفيلم قاموا به باحترافية‬         ‫بالكامل»‪ ،‬الحقيقة أنني‬
                                 ‫لم أشاهد الفيلم الإيطالي‪،‬‬
     ‫شديدة ورهافة بالغة‪.‬‬          ‫لكنني شاهدت «أصحاب‬
     ‫يجعلنا الفيلم نتساءل‬      ‫ولا أعز» بما يكفي للحديث‬
 ‫أو ًل عن مفهوم الصداقة‪،‬‬         ‫عنه حديثًا أقرب إلى النقد‬
    ‫وإلى أي مدى يمكن أن‬         ‫الثقافي الذي يسعى لتعرية‬
 ‫يكون مفهو ًما ه ًّشا‪ ،‬وغير‬     ‫الأنساق والبحث عما وراء‬
    ‫قادر على الصمود أمام‬       ‫الفن من قيم وأيديولوجيات‬
     ‫الواقع بما يحوي من‬
‫زخم وتشابك في العلاقات‬                     ‫ومعا ٍن ثقافية‪.‬‬
‫والأفكار‪ ،‬كما يطرح الفيلم‬          ‫ربما من البديهي القول‬
    ‫مفهو ًما بدي ًل للصداقة‬       ‫بأن الفن لا يحاكم بغير‬
     ‫وهو مفهم الإنسانية‪،‬‬          ‫أدواته‪ ،‬لكننا نسعى هنا‬
  ‫التعاطف الإنساني‪ ،‬ظهر‬           ‫إلى البحث عما وراء الفن‬
   ‫ذلك التعاطف الإنساني‬
                                    ‫وهو بالتحديد ما أثار‬
                                    ‫هذه الضجة‪ ،‬وهي في‬
                                   ‫الغالب ضجة مصطنعة‬
                                    ‫وزائفة‪ ،‬مثل كثير من‬
   218   219   220   221   222   223   224   225   226   227   228