Page 224 - merit 40 apr 2022
P. 224

‫العـدد ‪40‬‬         ‫‪222‬‬

                                                         ‫أبريل ‪٢٠٢2‬‬       ‫في شخصيتين‪ :‬الأولى‪،‬‬
                                                                       ‫(وليد) التي أداها بنعومة‬
‫وربما ذلك ما يحدث يوميًّا‬    ‫الذي تورطت فيه‪ ،‬وكأنني‬                  ‫وبساطة بالغة الفنان جورج‬
 ‫في مجتمعاتنا نتيجة ثقافة‬     ‫أتحدث عن هؤلاء الشواذ‬                    ‫خباز‪ ،‬الذي ظهر كنموذج‬
  ‫القهر والكبت والتحريم‪،‬‬    ‫وكأنهم مرضى‪ ،‬وهي نظرة‬                    ‫للشخص الصادق مع نفسه‬
                             ‫قد تثير غضبهم ونفورهم‪،‬‬                     ‫ومع أفكاره‪ ،‬والقادر على‬
    ‫فهل منعت تلك الثقافة‬       ‫وهم في النهاية جزء من‬                   ‫استيعاب أخطاء الآخرين‪،‬‬
 ‫الزنا؟ هل منعت الشذوذ؟‬                                                 ‫بل جرائمهم في حقه هو‬
                                ‫المجتمع‪ ،‬هم أصدقاؤنا‪،‬‬
    ‫بالعكس‪ ،‬ربما ساهمت‬         ‫وربما أقرب الناس إلينا‪.‬‬                     ‫شخصيًّا‪ ،‬فهو مدرك‬
   ‫في شيوع تلك الظواهر‪،‬‬       ‫لقد كان تعامل (وليد) مع‬                 ‫لحقيقة الضعف الإنساني‪،‬‬
 ‫فما يطرحه الفيلم هنا وما‬                                              ‫وقادر على التسامح بغير‬
  ‫نحتاجه هو الخروج عن‬            ‫ابنته هو تعامل الوعي‬                  ‫حدود أو شروط‪ ،‬فعندما‬
‫ثقافة التلقين والتحريم إلى‬      ‫والمسئولية‪ ،‬لقد أراد أن‬
 ‫رحابة الحرية والمسئولية‬    ‫يعلمها أن تتخذ القرار‪ ،‬ولم‬                     ‫صدم الجميع بواقعة‬
                             ‫يشأ أن يجبرها على شيء‪،‬‬                     ‫الشذوذ لأحد الأصدقاء‪،‬‬
             ‫والاختلاف‪.‬‬      ‫ربما يقول آخرون إن ذلك‬                      ‫وانفعل البعض‪ ،‬وثاروا‬
    ‫الشخصية الثانية التي‬    ‫لا يستقيم مع قيم مجتمعنا‪،‬‬                 ‫ثورة عارمة‪ ،‬نجد أنه تقبل‬
   ‫مثلت تلك الإنسانية هي‬      ‫كيف لأب أن يترك لابنته‬
   ‫شخصية « إياد نصار»‬       ‫الحبل على الغارب‪ ،‬كي تنام‬                      ‫الأمر‪ ،‬لم يتقبله قبول‬
 ‫الذي وقف جوار صديقه‬        ‫مع شخص آخر‪ ،‬والرد على‬                          ‫الرضى‪ ،‬ولكنه قبول‬
‫«الشاذ» ورفض أن يكشف‬         ‫هؤلاء بسيط وسهل‪ ،‬إنه لم‬                   ‫الوعي والإدراك والتسليم‬
 ‫حقيقته‪ ،‬بل تضامن معه‪،‬‬      ‫يشجعها على ذلك‪ ،‬بل ح َّملها‬              ‫بواقع‪ ،‬ليس أكثر‪ ،‬فالشذوذ‬
 ‫وشعر بمأساته‪ ،‬برغم أنه‬         ‫المسئولية كاملة‪ ،‬وربما‬                   ‫الجنسي مرفوض دينيًّا‬
  ‫‪-‬هو نفسه‪ -‬يرفض ذلك‬         ‫هو ما نحتاجه جميعنا وما‬                 ‫ومجتمعيًّا‪ ،‬لكن هذا الرفض‬
   ‫الشذوذ‪ ،‬ويدينه بشدة‪،‬‬      ‫يحتاجه صغارنا بالأخص‪،‬‬                       ‫لا ينفي وجوده‪ ،‬كما لا‬
  ‫ورأينا ذلك في دفاعه عن‬    ‫فالبنت ليست صغيرة‪ ،‬فهي‬                        ‫يمنعنا من الشفقة إزاء‬
  ‫نفسه أمام زوجته وأمام‬      ‫وصلت إلى المرحلة العمرية‬                   ‫أصحابه‪ ،‬ربما أحتاج أن‬
 ‫باقي الأصدقاء‪ ،‬مستنك ًرا‬   ‫التي تستطيع فيها أن تفعل‬                    ‫أعتذر عن لفظ «الشفقة»‬
  ‫هذه التهمة وذلك الفعل‪.‬‬       ‫كل شيء دون علم أحد‪،‬‬
   ‫كما يطرح الفيلم قضية‬
    ‫الخيانة‪ ،‬ويدينها كفعل‬

      ‫مشين‪ ،‬ولكن الإدانة‬
    ‫هنا لا تأتي في صورة‬

      ‫فجة ومباشرة وإنما‬
    ‫جاءت بشكل فني غير‬
    ‫مباشر‪ ،‬وتتخذ الخيانة‬
   ‫هنا عدة مسارات‪ ،‬ربما‬
   ‫أولها وأكثرها وضوحا‬
 ‫خيانة (زياد)‪ /‬عادل كرم‬
‫لصديقه (وليد) مع زوجته‬
     ‫(ماي)‪ /‬نادين لبكي‪،‬‬
   ‫التي يبدو أنها انجرفت‬
     ‫إلى هذه العلاقة وهي‬
   219   220   221   222   223   224   225   226   227   228   229