Page 115 - ميريت الثقافية العدد 30- يونيو 2021
P. 115
113 إبداع ومبدعون
قصــة
*** لقد أصدر وعلى مسئوليته ،ودون الرجوع إلى العاصمة
الثكلى المضطربة ،قرا ًرا بمنع البابليين والأقوام التي
توافد التجار المصريون على (غزة) وعرضوا أسعا ًرا تخضع لسيطرتهم من دخول مصر.
بخسة ثمنًا لبضائع القوافل المحتجزة .بعض القوافل برر قراره بأنه إجراء وقائي لحماية مصر من تسلل
باعت وارداتها على مضض ،وبعضها قفل راج ًعا إلى الأعداء إلى أراضيها.
قرب منتصف الظهيرة قعد (تناح رامبا) على كرسيه
بلاده راف ًضا البيع. خارج المخفر الحدودي ،ل ُيد ّفئ نفسه بأشعة الشمس.
وتبقت قافلة واحدة لم تحسم أمرها ،تلكأوا في الرحيل، رياح باردة كانت تهب من البحر ،وسحب متناثرة
وفي نفس الوقت ساوموا على بضاعتهم بشراسة ،إلى تشبه بتلات الزهور أخذت بالدوران حول نفسها منبئة
أن انفض السماسرة المصريون عنهم. بأن ثمة عاصفة شتوية ستهجم من خلف الأفق .كان
صاحب القداسة (بارسيس) في انتظاره وقد أدمى
وهم يتغدون ،أحاط بهم الجنود النوبيون الأشداء، شفتيه من شدة القلق.
وأظهر لهم صاحب القداسة (بارسيس) أمر التفتيش غطى القائد (تناح رامبا) بكفه على البقعة التي تشوه
وجهه:
المختوم بختم قائد حرس الحدود الشمالية. -ماذا يريد خادم الرب؟
تولى (بارسيس) التفتيش بنفسه ،وسلّم له جفف الكاهن (بارسيس) العرق المتصبب من جبينه:
الإسماعيليون جوالقهم ليفحصها ،فلم يجد فيها شيئًا -حدث جلل يا جندي آمون.
غير عادي .تبين له أنها تحوي الحمولة المعتادة من -أنا أسمع.
البخور العالي الجودة ،والقرفة والمر واللبان وغيرها -صباح اليوم ونحن نصلي ،طاف طائر أبو منجل
من الطيوب النفيسة ،التي تتلهف المعابد للحصول المقدس في المعبد ..لقد أمضي ُت ثلاثين عا ًما ساد ًنا لبيت
عليها ،ويشتريها الأثرياء بأسعار باهظة للتمتع آمون في غزة ،ولكن هذه هي المرة الأولى التي يحدث
فيها هذا الأمر.
بأسلوب حياة ُمرفهة. رد (تناح رامبا) ساخ ًرا:
ظل صاحب القداسة (بارسيس) يحوم حول القافلة -هل سأموت؟!
راف ًضا المغادرة ،تار ًكا الإسماعيليين على أعصابهم. ابتلع الكاهن (بارسيس) المزحة وتابع كلامه بكل
كان يبحث عن شيء هو نفسه لا يعرف ما هو ..إنه جدية:
متأكد فقط من أن الشيء الذي يبحث عنه موجود هنا، -إنها علامة من الرب أمون ..علينا ألاّ نتجاهلها.
تململ (تناح رامبا) في جلسته:
ولكنه عاجز عن إيجاده. -أنت أعلم مني بهذه الشئون.
طلب محادثة سيد القافلة ،فبرز له شيخ جليل له لحية -لقد تتبع ُت رسول الرب بعد خروجه من المعبد،
ورأي ُت أنه حط هناك (أشار بسبابته تجاه الشرق) على
كلبدة الأسد ونظرات متوثبة براقة. سنام جمل من جمال قافلة الإسماعيليين.
تأمله صاحب القداسة (بارسيس) برهة ثم تحدث معه علق (تناح رامبا) هاز ًل:
-لعله حسبهم جرذا ًنا .هاها!
باللغة الآكادية بلهجة بابل: انتفخ عرق في منتصف جبهة الكاهن (بارسيس)
-من أين أتيتم؟ وحاول التظاهر بالهدوء:
-من مكة. -أرجوك ،أرسل معي الجنود لتفتيش القافلة.
وافق (تناح رامبا) على طلبه ،وأرسل معه فصيلة من
-سمعت عنها ..والآن وقد ُمنعت من دخول مصر، الجنود.
ماذا أنت فاعل؟
-سنرابط هنا حتى تأذنوا لنا بالدخول.
-إنك عنيد ..هل تقبل أن أُساعدك؟
-هل تقدر؟
-يمكنني أن استخرج لك أم ًرا من قائدنا يستثنيك من
قرار المنع.
-حسنًا تفعل ..وأنا أعدك بأن أُعطيك ال ُعشر من كل
شيء تحمله إبلي.