Page 113 - ميريت الثقافية العدد 30- يونيو 2021
P. 113

‫‪111‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

     ‫قصــة‬

                                  ‫عبد الله القصير‬

                                                        ‫(سورية)‬

              ‫أقل من قبلة‪ ..‬وأكثر‬

   ‫بقدومها هذا أشعر أن كل شيء يريد إعادتي إلى‬               ‫كن ُت أبدو نائ ًما عندما اق َت َر َب ْت مني وقبل ْتني على‬
                                                            ‫خ ّدي وفمي بهدو ٍء وحذ ْر‪ .‬شاهد ُتها وهي تغم ُض‬
    ‫صحوي كي أعي جسدي الصحراوي في لحظة‬                       ‫عندما َض َغط ْت بشف َتيها‬                                                    ‫عينيها‬
‫إ ْم َطا ٍر لا تحدث دائ ًما‪ ،‬لكنني أبقى كما أنا‪ ،‬أبقى كما‬   ‫على شفت ّي ِب ِر ّقة‪ .‬هي‬
‫لو لم يكتر ْث بي أحد‪ ،‬ممد ًدا‪ ..‬نائ ًما لوق ٍت طوي ٍل بعد‬   ‫تأنظف ّان أِس ّنهاتأَـقر ُلّد َدمن‬
                                                            ‫أن تلت ِق ْطها غفوتي‬
                                           ‫ذلك‪.‬‬             ‫فأصحو‪ .‬وظنّ ْت أن‬
                                                            ‫السع َر الرخي َص‬
     ‫كنت أبدو نائ ًما‪ ،‬وربما بالغ ُت عندما قل ُت إنني‬       ‫لعط ِرها كفي ٌل بأن‬
       ‫شعر ُت بك ِل شيء‪ .‬وعندما قلت إنني تع ّمد ُت‬          ‫يجع َل ُه يتلاشى مع‬
      ‫ألا أتحر ْك أب ًدا‪ .‬لا مشكلة‪ ،‬المشكلة أنها تقبّلني‬     ‫مرو ِر أو ِل سيار ٍة‬
     ‫ولا تعترف أنها َفـ َعل ْت‪ .‬لا يوجد ح ٌّب في العالم‬        ‫مسرع ٍة قر َبها‪ ،‬فلا‬
    ‫دون اعترافا ْت‪ .‬أحيا ًنا تدهمني رغب ٌة بأن أحلّ َف َها‬  ‫يكون سببًا في اكتشافي‬
   ‫بالمصحف الكريم‪ ،‬بالأنبياء‪ ،‬بالأولياء الصالحين‪،‬‬
 ‫ب َع ْر ِض أمها‪ .‬ثم أعود إلى ُرشدي وأقول في نفسي‪:‬‬                        ‫ل ِفع َلتِها‪.‬‬
  ‫القبل ُة بح ّد ذاتها أصد ُق اعترا ْف‪ ،‬فلماذا تبحث عن‬
                                                            ‫في الحقيقة‪ ،‬لم يخطر لي‬
                             ‫اعترا ٍف بالاعتراف؟‬
                                                            ‫فيما مضى أب ًدا أ ْن ألع َب‬
  ‫كن ُت صبو ًرا إلى درجة أن آخر قبلة من هذا النوع‬           ‫هذا الدور‪ .‬لكنني صرت‬
       ‫كانت قبل ثلاثة أشهر‪ .‬أما اليوم فأخ ّمن أنها‬          ‫أحبه‪ .‬أرا ِق ُبها بينما تظنني غائبًا في نوم عميق‪.‬‬
                                                            ‫لتفاصي ِل‬  ‫حجلر ِدكاا ِتلأهار‪،‬يإكي ِةقا َععندخماطتواجِتلها‪.‬سأعلسيت ِهما ُ‪،‬ع‬  ‫أراق ُب‬
    ‫ستكون الأخيرة‪ .‬لم أعرف السبب‪ ،‬ولكنها المرة‬               ‫وعندما‬                                                                      ‫صو ِت‬
                                                            ‫تنهض‪ ،‬لصو ِت ُحن ُج َر ِتها عندما تب َل ُع ري َق َها‪ .‬أد ّق ُق‬
  ‫الأولى التي تقترب فيها مني بهذه الطريقة‪ ،‬د ّس ْت‬             ‫في أصاب ِع قدميها التي تظه ُر من فتح ِة الحذا ِء‬
  ‫يدها خلف رأسي‪ ،‬وانتزعت باليد الثانية الشريطة‬
                                                             ‫الأمامية‪ ،‬وأتذك ُر كيف كنا نبدو لبائع الخبز من‬
  ‫السوداء المعلقة منذ ثلاث سنوات بشكل مائل على‬                                              ‫شباك الفرن‪.‬‬

    ‫يمين جبهتي‪ ،‬ثم انتزعتني من إطاري الخشبي‪،‬‬
   ‫قب َل ْتني بقو ٍة على فمي‪ ،‬ودف َن ْتنِي مرة أخرى‪ ،‬هذه‬

                            ‫المرة في أحد دفاترها‪.‬‬
   108   109   110   111   112   113   114   115   116   117   118