Page 111 - ميريت الثقافية العدد 30- يونيو 2021
P. 111
109 إبداع ومبدعون
قصــة
لكنها بدت قلقة ،متعجلة ،كأنها على موعد .فاجأ ُتها:
-وماذا عن ِك يا سلطانة؟ تبغين الانتقام من
«الرجال» مبتكري المؤامرات والحروب فيما أن ِت
تقلدينهم .أما افتتن ِت بالقوة ،بالسلطة ،بالمجد؟
لم تجب سوى بكلمة واحدة:
-أب ًدا .كلهم سراب ..غبار.
بد ْت في صمتها مسكونة بحز ٍن مكين ..فكر ُت
بأن أخفف عنها ،فالتف ُّت لآتيها بمطبوعة ُمصورة
لتسليها ،لكنها في لحظة كانت قد اختف ْت.
لأيام أبحث عنها ،وما إن هلل ُت عندما اكتشف ُت
صفحة لها على الفيس بوك حتى فاجأتني واتخذت
ضدي إجرا ًء متعس ًفا «بلوك» ،ثم أغلق ْت كل
الصفحات ،واختفت بنفس البساطة التي ظهرت بها،
بل إنني عندما سألت عنها اتهمني أحدهم بالجنون،
وهتف آخر:
-مجنون من يسأل عن مجنونة.
ندم ُت ،لأني تسرعت ..ربما كان الأفضل ألا
أجرحها ..حسب ُت اختفاءها سيمنحني الشجاعة
لكي أحدس منظوري الخاص ،لكني ظللت مشتَّتًا..
بين الخوف منها وافتقادها وافتقاد الثقة بكل ما
يخصها.
-لا أعرف كيف أضعتك يا صاحبة السمو؟
أسمعني أحدثها في نومي فتهمس بمرارة:
-ظلمتني.
تغلق الباب على حلمي وتمضي.
فات ْت عدة شهور منذ اختف ْت ،فقط بالأمس ذكروا
أن امرأة لا تنتمي لعصرنا ،تحيطها هالة مضيئة،
ظهر ْت في «صلاح سالم» ،تحرسها ثلاثة كلاب ثم
انتقل ْت إلى وسط البلد حيث كادت تختنق من الحر
والزحام ،فصاحت:
-افسحوا لي يا أبنائي ..أنا سيدة العالمين ..أنا
مريم العذراء.
فتح ُت باب الشقة ،قادتني قدماي صوب المكتبة.
هناك تذكرت لؤلؤتها ،التقط ُت الكتاب وفتحته،
فوجد ُت الكلمات في كل الصفحات قد انمح ْت،
واللؤلؤة ..لم يتب َق منها سوى ذرات غبار.