Page 106 - ميريت الثقافية العدد 30- يونيو 2021
P. 106
العـدد 30 104
يونيو ٢٠٢1
فتحت السمسونايت ساحبًا إياه ،وسلمته إليه كأنه -قال رئيس التوجيه بصوت مسموع:
مسئول كبير ،لا أعرف لماذا؟ هنيئًا لك؛ الغزالة ق َّوالة..
تناوله بيديه الاثنتين ،كمن يتلقى طر ًدا ،ثم قال -أكمل أحد الجالسين مبد ًدا ملامح عدم الفهم:
مطمئنًا: أي تستحق َطيِّب القول ،أما تثليث فعلى بعد مائة
وعشرين كيلو ،جنوب غرب بيشة ،التي تتبعها
تثليث قبل أبها بمائتي كيلو فقط ،وبعد بيشة بمائة
وعشرين ،وهي هنا ليست مسافة ،صحيح أبها اسم تعليميًّا ،لكنها تتبع منطقة عسير إدار ًّيا.
-أكمل الجالس في مواجهته :وهي مثلث لثلاث
على مسمى ،لكن تثليث أي ًضا ليست سيئة السمعة. طرق :نجران ،ونجد ،والحجاز ،وقيل إنها مثلث
وضعت السمسونايت فوق أقرب مقعد ،وانحنيت
لثلاثة أودية :بيشة وتثليث ،الدواسر.
لأفت ُح حقيبة الأغراضُ ،مخر ًجا منها كرتونته -رد الأول :وهذا سر تسميتها بتثليث.
المنتفخة .ساقه شغفه إلى الإسراع بفتحها ،فإذا -لم أكن مهت ًّما بهذا الدرس في الجغرافيا ،سأل ُت
بها معبأة ب ُق َرص مخبوزة بيتيًّا ،وبعض الغيارات
الداخلية ،بانت اللمعة في عينيه ،قال والابتسامة تملأ كالمغيب:
المهم؛ َبر وصحراء و َّل مدينة؟
وجهه :هكذا أمي ،تعرف ماذا أريد. -بل مدينة يا ابن الحلال ،تسكنها قبائل قحطان
همست كالمنوم :وامرأتك؟ وقبائل أخرى ،أما الطريق إليها فأسفلت على
حل ْت بعينيه طبقة شفيفة من ماء ،أجاب: اتجاهين و..
وامرأتي ،وابني النائم في بطنها. -قاطعته :هل بها مستشفى و..؟
-بدا السؤال ساذ ًجاَ ،ع َل ْت جبهته السمراء خطوط
صفق بيديه كمن ينفض عنها التراب ،قائ ًل :ما علينا.
سحب مظرو ًفا ورقيًّا من فوق مكتبه ،وعبأه بالعديد عرضية عديدة ،أكمل ض ِج ًرا:
هيَّا توكل على ربك ،نبغى نمارس أعمالنا يا..
من ال ُقرص ،لامس ْت كفه بطن السمسونايت طالبًا
فتحها ،ثم دس المظروف بداخلها ،خليها قريبة من -استدرت منصر ًفا دون تعقيب.
(يا ابن الذين)..؛ هكذا ِص ْح ُت وأنا أنطلق عاج ًزا ،عن
يدك ،لتكون تسليتك طوال الطريق. تحديد وصف لهذا المدير؛ أرسلني إلى مدينة بالفعل،
زحف ْت مشاعر الضيق إلى نفسي ،أأحمل هذا الكم
لكنها على ُب ْع ٍد بعيد عن بيشة.
الثقيل من ال ُق َرص ،من قارة إلى قارة؟ ومن أجل أدخل ُت النموذج بالسمسونايت ،هبط ُّت درج السلم
ماذا؟
قف ًزا ،صافح ُت حارس البوابة ي ًدا بي ٍد ،سحب ُت
الأمر لصاحب الأمر -هكذا أكمل ُت س ًّرا ،-قل ُت الحقيبة المغبَّرة حتى حافة الشارع ،ألقيت بها في
بصوت مسموع: حوض أول سيارة (د َّباب) توقفت ،صعدت إلى جوار
-عليَّ الآن وفي الحال بدء رحلتي إلى الجنوب، السائق ،قاص ًدا مكتب صديقي الدمياطي.
وبعدها يصير لكل حادث حديث. استقبلني الصديق سائ ًل ،عن تأخري في القدوم
-قال راجيًا:
إليه ،فجماعته في مصر أبلغوه تلفونيًّا ،بموعد
ليتنا نقضى اليوم م ًعا ،وتبدأ رحلتك صبيحة الغد. زيارتي لهم ،وبموعد وصولي إلى بيشة.
-قلت :أتمنى يا صديقي بجد ،لكن استقبال الموت -قلت :أصل..
-أنا في انتظارك من أمس.
ولا انتظاره.
-انتفض من فوره قائ ًل ،وهو يشير إلى سيارته -انتابني شعور بالذنب ،رغم وصولي في الموعد
المحدد.
الصغيرة أمام المكتب :إذن لا بد من توصيلك
بنفسي ،حتى عربة النقل. -عاد الصديق ليسألني:
مالك؟ واضح أنك غير سعيد.
-قلت محاو ًل إثنائه :النقل الجماعي قريب، راح الكلام بيننا وجاء ،ليصل إلى نموذج الإدارة،
وسيارات الد َّباب (على َق َفا َمن ي ِشيل) -كما نقول في
مصر.-
-حمل الحقيبة كأنه لم يسمع ،واض ًعا إياها فوق