Page 144 - ميريت الثقافية العدد 30- يونيو 2021
P. 144

‫العـدد ‪30‬‬                         ‫‪142‬‬

                                    ‫يونيو ‪٢٠٢1‬‬

   ‫والاعتماد عليها في إتمام هذه‬           ‫الظاهرة البيولوجية المؤكدة‬  ‫الخلية الأولى‪ ،‬كما أن هذه الخلية‬
  ‫الوظائف عو ًضا عن الأحماض‬            ‫هي أي ًضا من النواتج الطبيعية‬     ‫قابلة أي ًضا للانقسام والتكاثر‬
 ‫الدهنية الأولية بسيطة التركيب‪،‬‬                                        ‫‪-‬بفعل العوامل الميكانيكية‪ -‬إلى‬
                                          ‫لقوانين الكيمياء)‪ ،‬ثم أعطى‬
      ‫وهكذا نشأت أولى الخلايا‬         ‫الانتخاب الطبيعي الفرصة لتلك‬    ‫خلايا وليدة تحتوي كل منها على‬
 ‫الشبيهة في تعقيدها من الخلايا‬                                        ‫نفس المادة الوراثية‪ ،‬وكلما زادت‬
 ‫التي نعرفها في يومنا هذا‪ ،‬وكل‬          ‫الطفرات التي تؤدي إلى نسخ‬
                                       ‫أسرع لجزيئات المادة الوراثية‬      ‫سرعة نسخ وتكاثر تلك المادة‬
     ‫هذا حدث فقط بفعل قوانين‬        ‫وزيادة أكبر في الحجم للانتشار‪،‬‬        ‫الوراثية ساد ذلك النوع بين‬
     ‫الديناميكا الحرارية والقوى‬
 ‫الميكانيكية والكهربائية الموجودة‬        ‫بينما اندثرت باقي الطفرات‬                           ‫الخلايا‪.‬‬
      ‫في الطبيعة وتفاعل كل تلك‬           ‫التي لم ينتج عنها تحسن في‬         ‫وهذه المادة الوراثية الأولية‬
                                        ‫أداء الجزيئات‪ ،‬وعمل الاثنان‬   ‫كانت عشوائية وشديدة البساطة‬
                ‫العناصر سو ًّيا‪.‬‬       ‫(الطفرات والانتخاب الطبيعي)‬       ‫ولا تحتوي على أية معلومات‬
    ‫ولذلك يعتقد أن الحياة نفسها‬     ‫على زيادة تعقيد الجزيئات‪ ،‬فأدى‬    ‫سوى قدرتها الطبيعية على نسخ‬
                                         ‫ذلك إلى حمل الحويصلات‪/‬‬            ‫نفسها بنفسها تلقائيًّا‪ ،‬ومن‬
       ‫ليست إلا الخاصية المنبثقة‬    ‫الخلايا الأولى لأول مرة لمعلومات‬     ‫ثم زيادة حجم الحويصلات‪/‬‬
‫‪ Emergent quality‬عن تفاعل كل‬        ‫أو شفرة وراثية‪ ،‬كانت على شكل‬           ‫الخلايا التي تحتويها‪ ،‬وهنا‬
                                    ‫تعليمات لبناء المزيد من الجزيئات‬      ‫جاء دور الطفرات العشوائية‬
   ‫هذه العوامل سو ًّيا‪ ،‬والتي ظلت‬    ‫الأكثر تعقي ًدا باستخدام جزيئات‬    ‫التي تحدث أثناء النسخ (وهذه‬
   ‫تنشأ بالتدريج تزامنا مع زيادة‬    ‫موجودة بالفعل في الطبيعة‪ ،‬وأدى‬
                                    ‫هذا التعقيد‬
     ‫تعقيد الخلية الأولى‪ ،‬ومع بدء‬    ‫الطارئ إلى‬
‫مكوناتها في العمل كمنظومة واحدة‬         ‫تحسين‬
                                        ‫خواص‬
  ‫تعمد إلى تكرار نفسها‪ ،‬فالانبثاق‬     ‫الجدار الدهني‬
‫هو الخاصية أو الظاهرة التي يقوم‬       ‫المغلف للخلايا‬
                                     ‫الأولية وتحسين‬
 ‫فيها التفاعل بين الكل في نظام ما‬      ‫أداء باقي الوظائف‬
   ‫بإنتاج وظيفة تكون أكثر تعقي ًدا‬  ‫الخلوية‪ ،‬والتي ظلت تتعقد‬
  ‫بكثير‪ ،‬ولا يمكن توقعها مباشرة‬          ‫تدريجيًّا وتصبح أكثر‬
  ‫من أي من أعضاء هذا النظام أو‬        ‫تخص ًصا‪ ،‬وتتحول بمرور‬
‫عناصره منفردين‪ ،‬وهذه الخاصية‬         ‫الوقت إلى عضيات (أعضاء‬
   ‫تبزغ أو تنبثق فقط عند اجتماع‬          ‫دقيقة) تقوم بوضائف‬
    ‫الكل وتفاعلهم سو ًّيا كمنظومة‬   ‫متخصصة كالتمثيل الغذائي‬
  ‫واحدة‪ ،‬وتختفي (أو تموت) عند‬          ‫والتخلص من الفضلات‪..‬‬
 ‫توقف واحد أو اكثر من الأعضاء‬           ‫إلخ‪ ،‬وبدأت أي ًضا في تكوين‬
   ‫عن العمل أو عن التفاعل بشكل‬            ‫الأحماض الأمينية المعقدة‬

         ‫سليم مع باقي الأعضاء‪.‬‬                ‫والأكثر كفاءة في إتمام‬
 ‫واخي ًرا‪ ..‬أرجو أن أكون قد وفقت‬                   ‫الوظائف الخلوية‬

    ‫في هذا العرض المختصر لأهم‬
 ‫سؤال عرفته البشرية وتقريبه إلى‬
 ‫عقل القارئ بابسط وسيلة ممكنة‬
   139   140   141   142   143   144   145   146   147   148   149