Page 248 - ميريت الثقافية العدد 30- يونيو 2021
P. 248

‫العـدد ‪30‬‬                             ‫‪246‬‬

                                    ‫يونيو ‪٢٠٢1‬‬

                                    ‫نفاذ الرؤية‪..‬‬

‫كيف ص َّور التشكيليون‬
                                                           ‫عثمان الهاسوتة‬
     ‫(المغرب) الغربيون الأجواء‬

                                    ‫الشرقية؟‬

‫الأنا والآخر‪ /‬الغرب والشرق‪ ،‬وما‬        ‫ثقافة الشرق‪ ،‬وبعيدة كل البعد‬            ‫سلطة الصورة‬
   ‫تر ّتب عن ذلك من فعل اختراق‬      ‫عن الموضوعية والحياد‪« .‬الشرق»‬               ‫الإستشراقية‬

 ‫و‪ /‬أو هيمنة وفرض للسلطة‪ .‬هل‬           ‫في نظره هو من اختراع الغرب‪،‬‬            ‫عندما ر ّكزت رأسماليات‬
   ‫الحضارة الشرقية كما جسدت‬          ‫وأن هذا الشرق سلبي وفوضوي‬
                                                                             ‫أوروبا القرن التاسع عشر على‬
 ‫في لوحات الفنانين الاستشراقيين‬                       ‫وبدون منطق‪.‬‬         ‫التّوجه نحوالشرق ونهج التوسع‬
‫هي ابتداع للعقل والمخيّلة الغربية؟‬      ‫لقد عمد المستشرق الأوروبي‪،‬‬        ‫الاستعماري لتصدير أزماتها إليه‪،‬‬
                                     ‫لتحقيق الغرض الاستعماري‪ ،‬إلى‬
   ‫هل طبيعة المصالح الغربية هي‬       ‫مراقبة الشرق واكتشافه والتحكم‬            ‫كان عليها أو ًل أن تتعرف على‬
  ‫التي أملت تلك الصورة‪ ،‬كما أق ّر‬                                         ‫البناء الذي تسعى اختراقه‪ /‬غزوه‬
  ‫إدورد سعيد؟ وهل يمكن إسقاط‬              ‫فيه سواء بقلمه أو فرشاته‪،‬‬
 ‫ذلك على «الاستشراق الفني»؟ هل‬       ‫مم ِّه ًدا الطريق للعسكري والتاجر‬      ‫لأجل السيطرة عليه واستغلاله‪.‬‬
‫عكس الاستشراق ملامح الاحتكاك‬        ‫الرأسمالي للتحكم فيه عسكر ًّيا أو‪/‬‬      ‫لعل ذلك ما جعل إدوارد سعيد‪،‬‬
                                                                           ‫وقبله فوكو‪ ،‬يقول إن فعل إنتاج‬
       ‫الثقافي المبني على التواصل‬                ‫واقتصاد ًّيا وثقافيًّا‪.‬‬   ‫المعرفة هو إنتاج لسلطة أو تمهيد‬
  ‫والتنوير‪ ،‬أم مثّل فعل الاستعلاء‬   ‫وقد أعاد الاستشراق شحن نفسه‬
                                                                               ‫لها(‪ .)1‬فبتحليل مجموعة من‬
      ‫والمركزية الأوروبية بغرض‬        ‫بقوة وطرحها بطابع فنتازي في‬            ‫الكتابات الغربية‪ ،‬انتهى سعيد‬
      ‫تقديم الشرق كرمز للجمود‬          ‫الفن التشكيلي‪ ،‬مش ِّك ًل بورتريه‬      ‫إلى أن الاستشراق مثّل أسلو ًبا‬
    ‫والبداوة والقهر واللا عقلانية‬                                         ‫واض ًحا للسيطرة على الشرق منذ‬
‫مقابل ديناميكية الغرب‪ ،‬وتح ّضره‬           ‫للشخصية الشرقية وملامح‬          ‫أواخر القرن الثامن عشر‪ ،‬معتب ًرا‬
                                      ‫الحضارة التي كانت مج ّسدة في‬
                     ‫وعقلانيته؟‬      ‫السلوكيات والحياة اليومية‪ .‬وهو‬            ‫أن دراسة الشرق من طرف‬
       ‫ش ّكلت الشخصية الشرقية‬       ‫ما جعلنا نقف على ضفة تساؤلات‬          ‫المستشرقين أنتج كتابات منحازة‪،‬‬
        ‫بمخزونها وعوالمها تأثي ًرا‬     ‫مأزقية ُتفتح عنها دوائر فكرية‬
   ‫عمي ًقا على لوحات المستشرقين‬      ‫تجول بنا أمام فلسفات ووجهات‬              ‫مدفوعة بأغراض استعمارية‬
     ‫وتكويناتها مما جعلها تحمل‬          ‫نظر مختلفة‪ ،‬تنتهي عند ثنائية‬        ‫ووجهات نظر مسبقة لا تحترم‬
   243   244   245   246   247   248   249   250   251   252   253