Page 182 - b
P. 182
الجنة -إذن -كمكافأة للمؤمنين الصالحين بعد موتهم ليست
موجودة في التوراة بأسفارها الخمسة ،وإنما تتحدث عن (جنة
الخلق) إن جاز التعبير ،ومسألة المغفرة وردت -فقط -في سفر
الخروج الإصحاح ( )32الآيتين ( 31و ،)32وهي تتحدث عن طلب
موسى من (يهوه) أن يغفر لبني إسرائيل الذين أخرجهم من مصر
بعد أن صنع لهم هارون إل ًها يعبدوه عبارة عن عج ٍل ذهب ٍّي في فترة
غياب موسى ،ونصهما« :فرجع موسى إلى الرب ،وقال« :آه ،قد
أخطأ هذا الشعب خطية عظيمة وصنعوا لأنفسهم آلهة من ذهب/.
والآن إن غفرت خطيتهم ،وإلا فام ُحني من كتابك الذي كتبت».
قبل أن أغادر هذه النقطة ،أريد أن ألفت إلى ملمحين:
الأول :طبيعة العلاقة بين يهوه (الرب) وموسى كما ترد في
التوراة ،لأنها غريبة وتستحق التوقف ..فقد ذكرت في الفصول
السابقة أن (يهوه = الرب) ظهر بنفسه لموسى وهو يكلفه بإخراج
بني إسرائيل من مصر ،وأن موسى تحاشى النظر إليه ..ثم ذكرت
أنه -يهوه -ظهر بنفسه لموسى وبني إسرائيل وقرأ عليهم بصوته
الوصايا العشر ،ثم سلم موسى (ي ًدا بي ٍد) لوحين حجريين مكتو ًبا
عليهما تلك الوصايا ..أي أن الله في التوراة يظهر بشكل عادي ويتكلم
ويناول البشر أشياء.
هذه الصورة تختلف عند المسيحيين الذين يرون أن المسيح
(الابن) تجسي ُد أ َّبا أو الآب أو زيوس ،وأنه يأكل ويشرب ويمشي
بين الناس وفي الأسواق و ُيعذب و ُيصلب ويموت و ُيكفن ..إلخ ،لكنها
تصدم المسلمين الذين يرون أن الله وحده في علوه لا يتحدث إلى
البشر ولا يظهر لهم ،حتى أن النبي محمد حين ع َّرج إلى السماء -لو
صح -لم ي َر الله كما سبق أن ذكرت ،وإنما رآه بعين قلبه ،أو رأى
نو ًرا خلف نور ..إلخ.
تتضح العلاقة بين موسى و(يهوه) أعظم ما تتضح في سفر
182