Page 184 - b
P. 184

‫أن الرب غضب مما فعله بنو إسرائيل باتخاذهم العجل إل ًها‪ ،‬وطلب‬
‫من موسى أن يتركه لـ(يح َمى غضبه) ويفنيهم جمي ًعا ويخلق له‬

                                            ‫شعبًا جدي ًدا عظي ًما‪.‬‬
                              ‫فماذا فعل موسى؟ هنا الوقفة‪:‬‬
‫“فتضرع موسى أمام الرب إلهه‪ ،‬وقال‪ :‬لماذا يا رب يح َمى غضبك‬
‫على شعبك الذي أخرجته من أرض مصر بقوة عظيمة ويد شديدة؟‬
‫لماذا يتكلم المصريون قائلين‪ :‬أخرجهم (بخبث) ليقتلهم في الجبال‪،‬‬
‫ويفنيهم عن وجه الأرض؟ ارجع عن حمو غضبك‪ ،‬واندم على الشر‬
‫بشعبك‪ ،)...( ،‬فندم الرب على الشر الذي قال إنه يفعله بشعبه‪،)...( ،‬‬
‫فرجع موسى إلى الرب‪ ،‬وقال‪ :‬آه‪ ،‬قد أخطأ هذا الشعب خطيَّة عظيمة‬
‫وصنعوا لأنفسهم آلهة من ذهب‪ .‬والآن إن غفرت خطيتهم‪ ،‬وإلا‬

                                ‫فام ُحني من كتابك الذي كتبت»‪.‬‬
‫هنا يلوم موسى الرب «لماذا يا رب يحمى غضبك على شعبك؟» ثم‬
‫يتحدث إليه بصيغة الأمر «ارجع عن حمو غضبك‪ ،‬واندم على الشر‬
‫بشعبك”‪ ،‬يقول للرب (ارجع‪ ،‬اندم!) ويصف ما نوى فعله بـ”الشر”‬
‫والغريب أن (الرب) (ندم على “الشر”!!) “فندم الرب على الشر الذي‬
‫قال إنه يفعله بشعبه”! ليس هذا فقط‪ ،‬بل إن موسى يح ِّدث الرب‬
‫بصيغة التهديد “إن غفرت خطيتهم‪ ،‬وإلا فامحني من كتابك”‪ ،‬إما أن‬

                                           ‫تغفر لهم أن تمحني!‬
‫هذا الاستشهاد يوضح كيف كانت صورة الرب (الإله) في‬
‫اليهودية‪ ،‬وكيف تطورت إلى أن وصلت للصورة التي عليها صورة‬
‫الله عند المسلمين في القرآن‪ ،‬وهي صورة مختلفة تما ًما‪ ،‬فيها تقديس‬

                     ‫وعلو أكبر كثي ًرا وخو ٌف وتفا ٍن في الإرضاء‪.‬‬

             ‫الجنة في الأناجيل الأربعة‬
‫كما بينت أن كلمة (جنة) لم تذكر في التوراة وإنما ُذكرت (حديقة)‪:‬‬

                            ‫‪184‬‬
   179   180   181   182   183   184   185   186   187   188   189