Page 38 - b
P. 38

‫وهو المعنى ذاته‪ ،‬فالتراب إذا اختلط بالماء يصير طينًا أو صلصا ًل‪:‬‬
‫«إ َّن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من ترا ٍب ث َّم قال له كن‬
‫فيكون» (آل عمران‪« ،)59 :‬وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا‬
‫إ َّل إبليس قال أأسجد لمن خلقت طينًا” (الإسراء‪“ ،)61 :‬ولقد خلقنا‬
‫الإنسان من صلصا ٍل من حمإٍ مسنو ٍن” (الحجر‪“ ،)26 :‬ومن آياته‬
‫أن خلقكم من ترا ٍب ث َّم إذا أنتم بش ٌر تنتشرون» (الروم‪ .)20 :‬لكن‬
‫ذريته بعد ذلك جاءت عن طريق التزاوج بين الذكر والأنثى‪ ،‬ومراحل‬
‫تكون الجنين كما جاءت في القرآن‪« :‬أكفرت بالذي خلقك من ترا ٍب‬
‫ث َّم من نطف ٍة ث َّم س َّواك رج ًل» (الكهف‪« ،)37 :‬فإ َّنا خلقناكم من ترا ٍب‬
‫ث َّم من نطف ٍة ث َّم من علق ٍة ث َّم من مضغ ٍة مخلَّق ٍة وغير مخلَّق ٍة لنبين‬
‫لكم ونق َّر في الأرحام ما نشاء إلى أج ٍل مس ًّمى ث َّم نخرجكم طف ًل‪»..‬‬
‫(الحج‪« ،)5 :‬ولقد خلقنا الإنسان من سلال ٍة من طي ٍن‪ ،‬ث َّم جعلناه‬
‫نطف ًة في قرا ٍر مكي ٍن‪ ،‬ث َّم خلقنا ال ُّنطفة علق ًة فخلقنا العلقة مضغ ًة‬
‫فخلقنا المضغة عظا ًما فكسونا العظام لح ًما ث َّم أنشأناه خل ًقا آخر‬
‫فتبارك الله أحسن الخالقين» (المؤمنون‪ .)14 ،13 ،12 :‬وهناك آيات‬

                                      ‫عديدة تقول المعنى نفسه‪.‬‬
‫النقطة الثالثة ‪-‬والمهمة‪ -‬في سردية خلق الإنسان في القرآن‪ ،‬أن‬
‫الله خلق آدم على أحسن صورة‪ ،‬بمعنى أنه كان إنسا ًنا مكتم ًل لا‬
‫نقص فيه‪« :‬لقد خلق َنا الإِن َسا َن في أح َس ِن َت ْق ِوي ٍم» (التين‪ ،)4 :‬وجاء‬
‫في تفسير القرطبي عن هذه الآية‪« :‬في أحسن تقويم‪ ،‬وهو اعتداله‬
‫واستواء شبابه‪ ،‬كذا قال عامة المفسرين‪ .‬وهو أحسن ما يكون؛ لأنه‬
‫خلق كل شيء منكبًّا على وجهه‪ ،‬وخلقه هو مستو ًيا‪ ،‬وله لسان ذلق ]‬
‫يقصد طلي ًقا[‪ ،‬ويد وأصابع يقبض بها‪ .‬وقال أبو بكر بن طاهر‪ :‬مز َّينًا‬
‫بالعقل‪ ،‬مؤد ًيا للأمر‪ ،‬مهد ًّيا بالتمييز‪ ،‬مديد القامة يتناول مأكوله‬
‫بيده»‪ .‬ابن العربي‪« :‬ليس لله تعالى خلق أحسن من الإنسان‪ ،‬فإن‬
‫الله خلقه حيًّا عالمًا‪ ،‬قاد ًرا مري ًدا متكل ًما‪ ،‬سمي ًعا بصي ًرا‪ ،‬مدب ًرا حكي ًما‪.‬‬

                            ‫‪38‬‬
   33   34   35   36   37   38   39   40   41   42   43