Page 39 - b
P. 39

‫وهذه صفات الرب سبحانه‪ ،‬وعنها عبر بعض العلماء»‪.‬‬
‫إذن‪ ،‬فالآية‪ ،‬وآيات أخرى‪ ،‬والتفاسير والأحاديث النبوية‪ ،‬كلها‬
‫تشير إلى خلق آدم مكتم ًل منتصب القامة‪ ،‬عكس ما يقول عالم‬
‫الطبيعة الإنجليزي تشارلز داروين (‪- )1882 -1809‬وآخرون‪ -‬في‬
‫كتابه «أصل الأنواع» من أن الإنسان تطور من سلالات أقل اكتما ًل‪،‬‬
‫حيث إ َّن «جميع أنواع الكائنات الحية تنشأ وتتطور من خلال عملية‬
‫الانتقاء الطبيعي للطفرات الموروثة‪ ،‬التي تزيد من قدرة الفرد على‬
‫المنافسة والبقاء على قيد الحياة والتكاثر»‪ .‬وهو ما سنأتي له لاح ًقا‪.‬‬
‫بل إن الإنسان ‪-‬حسب السردية الإسلامية‪ُ -‬خلِ َق كبي ًرا حجمه‬
‫عظي ًما شأنه مديد العمر‪ ،‬ثم أخذ يتضاءل‪ ،‬كما يبين ذلك من الأحاديث‬
‫المنسوية إلى النبي‪ .‬فقد ورد في مسند أحمد (‪« :)10913‬حدثنا روح‪،‬‬
‫حدثنا حماد بن سلمة‪ ،‬عن علي بن زيد‪ ،‬عن سعيد بن المسيب‪ ،‬عن‬
‫أبي هريرة أن رسول الله (ص) قال‪ :‬كان طول آدم ستين ذرا ًعا في‬
‫سبع أذرع عر ًضا»‪ .‬وفي الصحيح الجامع للبخاري (‪ )6227‬جاء‪:‬‬
‫«حدثنا يحيى بن جعفر‪ ،‬حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن همام عن‬
‫أبي هريرة‪ ،‬عن النبي (ص) قال‪ :‬خلق الل ُه آد َم على ُصور ِته‪ ،‬و ُطو ُله‬
‫س ُّتو َن ذرا ًعا‪ُ ،‬ثم قال‪ :‬اذه ْب َفسلِّم على أولئ َك النَّف ِر ‪-‬وهم نف ٌر من‬
‫الملا ِئك ِة ُجلُو ٌس‪ -‬فاستم ْع ما يح ُّيو َنك؛ فإ َّنها تحيَّ ُت َك و َتحي ُة ُذ ِّر َّيتِ َك‪،‬‬
‫ف َذه َب فقال‪ :‬ال َّسلا ُم عليكم‪ ،‬فقا ُلوا‪ :‬ال َّسلا ُم علي َك ورحم ُة اللهِ‪ ،‬ف َزا ُدو ُه‬
‫(و َرحم ُة اللهِ) ف ُك ُّل َمن َيدخ ُل الجن َة على صور ِة آد َم في ُطولِه ِس ُّتو َن‬
‫ِذرا ًعا‪ ،‬فل ْم َتز ْل ال َخ ْل ُق َتن ُق ُص بع َده حتى الآ َن»‪ .‬وأخرجه مسلم‬

                                      ‫(‪ )2841‬باختلاف يسير‪.‬‬
‫والسردية الإسلامية ‪-‬كذلك‪ -‬فيها تبرير لاختلاف بني آدم في‬
‫اللون‪ :‬الأبيض والأسود والأصفر‪ ..‬إلخ‪ ،‬بل والاختلاف في الطباع‬
‫الموروثة (ما عرفنا أنه جينات بعد ذلك)‪ ،‬ففي سنن أبي داود‪ ،‬باب في‬
‫القدر‪« :‬ح َّدث َنا ُمس َّد ٌد‪ ،‬أ َّن يزيد بن ُز َر ْي ٍع‪ ،‬ويح َيى بن سعي ٍد‪ ،‬ح َّد َثا ُه ْم‬

                              ‫‪39‬‬
   34   35   36   37   38   39   40   41   42   43   44