Page 44 - b
P. 44

‫المكتملة التي نحن عليها الآن‪ ،‬بل إنه كان أفضل صورة منَّا وأخذ‬
‫ينقص‪ ،‬وأنها ‪-‬السردية‪ -‬لم تتوقف عند العموميات‪ ،‬بل راحت‬
‫تف ِّصل في التفاصيل الدقيقة لعملية الخلق‪ :‬من أين جاؤا بالتراب‪،‬‬
‫ومن الذي جاء به ومن فشل‪ ،‬ولماذا نحن كبشر مختلفون في اللون‬
‫والعادات والخير والشر‪ ،‬وكيف ص َّور الله آدم وتركه أربعين سنة‬
‫حتى يجف الطين وتكون له صلصلة كالفخار «وإن يو ًما عند ربك‬
‫كألف سنة مما تعدون» (الحج‪ ،)47 :‬وكيف كانت الملائكة تخاف من‬

                                ‫آدم‪ ..‬إلخ هذه التفاصيل الدقيقة!‬
‫مع الأخذ في الاعتبار أن خلق آدم كان من العدم‪ ،‬أي أنه لم يتطور‬
‫عن مخلوقات سابقة‪َ « :‬أولا يذ ُك ُر الإن َسا ُن أ َّنا خلق َنا ُه م ْن َقب ُل ول ْم َي ُك ْن‬
‫َشيئًا» (مريم‪ ،)67 :‬و»هل أ َتى ع َل الإن َسا ِن ِحي ٌن م َن ال َّده ِر ل ْم َي ُك ْن‬
‫شيئًا مذ ُكو ًرا» (الإنسان‪ ،)1 :‬و»وق ْد خل ْق ُت َك م ْن َق ْب ُل ول ْم َت ُك ْن َشيئًا»‬

                                                   ‫(مريم‪.)9 :‬‬

          ‫كيف أُخرج آدم وحواء من الجنة‬
‫سردية إخراج آدم وحواء من الجنة‪ ،‬في الأدبيات الإسلامية‪ ،‬لها‬
‫ثلاثة أضلاع‪ :‬الله وإبليس وآدام وحواء باعتبارهما طر ًفا واح ًدا‪.‬‬
‫وحسبها فإن الله أخرج إبليس من الجنة ‪-‬التي فيها الله والملائكة‬
‫(والجن) م ًعا وتدور بينه وبينهم حوارات‪ -‬في اللحظة ذاتها التي نفخ‬
‫فيها الروح في آدم‪« :‬ولقد خلقناكم ث َّم ص َّورناكم ث َّم قلنا للملائكة‬
‫اسجدوا لآدم فسجدوا إ َّل إبليس لم يكن من ال َّساجدين‪ ،‬قال ما منعك‬
‫أ َّل تسجد إذ أمرتك قال أنا خي ٌر منه خلقتني من نا ٍر وخلقته من‬
‫طي ٍن‪ ،‬قال فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبَّر فيها فاخرج إ َّنك من‬
‫ال َّصاغرين» (الأعراف‪ ،)13 :11 :‬وقوله “فاهبط منها” غير واضح‬
‫بالنسبة للوجهة التي على إبليس أن يذهب إليها‪ ،‬فالكون حسب تلك‬
‫السردية ‪-‬كما بينت في الفصل السابق‪ -‬مكون من سبع أراضين‬

                            ‫‪44‬‬
   39   40   41   42   43   44   45   46   47   48   49