Page 46 - b
P. 46
إبليس ،فأخذ من الشجرة التي نهى الله عنها آدم وزوجته ،فجاء بها
إلى حواء فقال :انظري إلى هذه الشجرة! ما أطي َب ري َحها.»..
ويضيف رواية عن ابن عباس« :أراد إبليس أن يدخل عليهما
الجنة ،فمنعته الخ َزنة .فأتى الحية -وهي دا َّبة لها أرب ُع قوائم كأنها
البعير ،وهي كأحسن الدواب -فكلمها أن ُتدخله في فمها حتى تدخل
به إلى آدم ،فأدخلته في ُف ْقمها (الفقم جانب الشدق) فمرت الحية على
الخزنة فدخلت ،فخرج إليه فقالَ :يا آ َد ُم َه ْل َأ ُد ُّل َك َع َل َش َج َر ِة ا ْل ُخ ْل ِد
َو ُم ْل ٍك لا َي ْب َل» .وعن عمار بن الحسن ،قال :حدثنا ابن أبي جعفر،
عن أبيه ،عن الربيع ،قال :حدثني مح ِّدث :أن الشيطان دخل الجنة في
صورة دابة ذات قوائم ،فكان ُيرى أنه البعير ،قال :فل ِعن ،فسقطت
قوائمه فصار حيَّة».
هنا لن أورد نص الحديث الذي قيل إنه دار بين إبليس وحواء ،أو
بينه وبين آدم ،لكي يقنعهما أن يأكلا من الشجرة التي نهاهما عنها
الله ،باعتبار أنها شجرة الخلد ،وأن من يأكل منها لا يموت أب ًدا ،ولن
أسأل :لماذا ماتا مع أنهما أكلا بالفعل من شجرة الخلد الأمر الذي
استوجب عقابهما؟ لكني سأتوقف عند الطريقة التي دخل بها إبليس
الجنة ،حسب رواية الطبري عمن رووا الأحاديث عن النبي (ص)،
فالرواية تذكر أن إبليس (خدع) خزنة الجنة ودخل في شدق حية،
أو دخل في صورة دابة يقال بعي ًرا ،وقد عوقب البعير الذي أعطاه
صورته فسقطت قوائمه ،ألا يعني ذلك أن إبليس خدع الخزنة وخدع
الله نفسه ،بدليل أن الله غضب فسخط الدابة؟ هل يقبل المنطق السليم
هذا؟ وهل من الممكن أن يعاد خداعهم يوم الحساب فيدخل أهل النار
الجنة بطرق ملتوية؟
كما أن ثمة تفاصيل كثيرة ودقيقة عن أن الله خلق آدم بـ(يده)
كي لا يتأفف منه أحد من الملائكة (والجن) ،ومع ذلك تأفف إبليس،
وكأن الله (كلي القدرة) يريد أن يقنع أح ًدا بشيء ويجتهد لفعل ذلك!
46