Page 42 - b
P. 42
أي ًضا فإن هذه المرويات لم تتحدث عن (جسد) حواء الطيني
وكيف تعاملت معه الملائكة والجان ،فالرأي السائد يقول إن الله حين
فرغ من تصوير آدم خلق حواء من ضلعه ،أي أنه أخذ قطعة طين
من بناء آدم وص َّور منها حواء «هو الذي خلقكم من نفس واحدة
وجعل منها زوجها» (الأعراف ،)289 :لكن بعض المحدثين يعتقدون
«أن معنى هذه الآية هو أن ح َّواء وآدم ينتميان إلى نو ٍع واحد ،وهناك
تماث ٌل بينهما في الوجود» (د.أمير خواص ،مركز البحوث المعاصرة
في بيروت) ،والمقصود بعبارة “من نفس واحدة” أي خلقها بنفس
الطريقة أو من نفس المادة ،وليس شر ًطا أن يكون «منها» بمعنى
اقتطاع جزء من الجسد «خلق ح َّواء من جنس آدم ،وليس من َج َسد
آدم».
وحسب ما جاء في القرآن والأحاديث النبوية -كذلك -فإن الله
استحضر بني آدم جمي ًعا ،منذ بداية الخلق حتى منتهاه ،وعرضهم
على آدم جمي ًعا ،ثم أشهدهم أنه الله خالق الخلق ،حتى إذا ُعرضوا
عليه يوم القيامة لا يقول قائل منهم إنه لم يعرف ،ففي تفسير آية:
«وإذ أخذ ر ُّبك من بني آدم من ظهورهم ذر َّيتهم وأشهدهم على
أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إ َّنا كنَّا
عن هذا غافلين» (الأعراف)172 :؛ جاء في الطبري :11915« :حدثني
أحمد بن محمد الطوسي ،قال :ثنا الحسين بن محمد ،قال :ثنا جرير
بن حازم ،عن كلثوم بن جبر ،عن سعيد بن جبير ،عن ابن عباس،
عن النبي (ص) قال« :أخذ الله الميثاق من ظهر آدم بنعمان ]يعني
عرفة[ فأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها ،فنثرهم بين يديه كالذر ،ثم
كلمهم فت ًل فقال] :ألست بربكم؟ قالوا بلى شهدنا أن تقولوا ..الآية إلى
ما فعل المبطلون[“ وهو نص الحديث الذي أخرجه أحمد (،)2455
والنسائي في السنن الكبرى ( ،)11191والحاكم ( )75باختلاف
يسير .وهذا يعني أنني وأنك التقينا الله في بداية الخلق ،وأشه ْدنا أنه
42