Page 8 - b
P. 8
ديانة إبراهيمية -أن يتعامل مع تناقضها مع الاكتشافات العلمية؟
هذا –طب ًعا -مع افتراض أنه ح َّرر عقله من التلقين والتقديس المبدئي
ال َق ْبلي ،وقرر أن يتعامل مع العقل والمنطق بشكل مجر ٍد ووا ٍع ،على
صعوبة ما أفترضه وأطلبه! فرواية الشجرة والتفاحة و»العصيان»
الفردي الذي استتبعه عقا ٌب جماع ٌّي لكل البشر في كل تاريخهم الذي
يصل إلى ملايين السنين ،ربما تصلح لأن تكون مثا ًل فقط ،إذ إن
التوقف أمام كل تفصيلة –كما سأفعل لاح ًقا -سيبين لا معقولية
الرواية لو نظرنا إليها نظرة الواقع الفعلي المؤكد ،وعلى كل حال فهذا
ليس اكتشا ًفا يخص هذه الكتابة ،بل هو رأي قاله كثيرون قبلي،
لسوء الحظ ظلت رواياتهم هامشية أمام سيل إيمان جارف بالرواية
القرآنية بحرفيتها.
()2
في الروايات الإيمانية نفسها فإن «الله» هو القوي المسيطر العليم
كل ُّي القدرة الواحد الأحد الفرد الصمد ،الذي إذا أراد شيئًا أن يقول
له كن فيكون ،وهو الذي خلق الكون ،ومن ثم خلق الإنسان وق َّدر له
رزقه ،وهو الذي «أوجد» له العقل الذي يميزه عن بقية المخلوقات،
وهو –كذلك -الذي رسم له مسيرة حياته قبل أن يولد بملايين
السنين ،وإن أراد أن يجعل الناس كلهم جمي ًعا مؤمنين لفعل ،لكن
«حكمته» هو وحده فقط اقتضت أن يخلق الخير والشر ،والصراعات
والحروب والاقتتال للاستحواذ على المتوفر من طعام وشراب ..ففيم
–إذن -يحاسب العبد الضعيف على ما لا يد له فيه ،وعلى ما ُق ِّدر
له مسب ًقا؟ ولا مجال هنا للحديث عن أن «العلم» الإلهي لا ينفي
«الاختيار» الإنساني كما يذهب بعض الناقلين الذين لا يتدبرون ما
ينقلونه ،لأن تلك فكرة عبثية ،فالذي خلق كل شيء وقدره تقدي ًرا هو
الذي جعل العقول تذهب إلى أفعال دون غيرها ،لأنه هو الذي خلق
العقول أص ًل –حسب روايتهم ،-وجعلها غير متكافئة في القدرة على
8