Page 10 - b
P. 10

‫يعرفونها؟‬

                           ‫(‪)4‬‬
‫ماذا لو أضفنا إلى هذه الأسئلة سؤال التعصب لفكرة أو لمعتقد أو‬
‫لنبي‪ ،‬والتعصب مع القدرات المحدودة للعقل البشري مع التعصب‬
‫ال َق َب ِل والمصالح الاقتصادية‪ ..‬إلخ‪ ،‬قد تجعل الإنسان يعاند ويقاوم‬
‫قبول الجديد‪ ،‬خاصة أن النبي محمد (ص) على سبيل المثال‪ ،‬لم‬
‫يأ ِت بمعجزة مرئية قاطعة قاصمة تلجم الألسنة وتدحض حجج‬
‫المعارضين لنبوته ورسالته‪ ،‬فكل ما كان متوف ًرا هو روايته هو نفسه‬
‫عن أن ال َم َلك (جبريل) يتنزل له ويملي عليه كلا ًما ليبلِّغه للناس ‪-‬كما‬
‫سأبين في موضعه‪ ،-‬فماذا لو ُهيِّأ له هو نفسه ما يقوله؟ وكيف‬
‫يمكن فهم التناقضات بين ما ينقله من «قرآن» أو مواقف حياتية؟‬
‫أو بين القرآن المواقف الحياتية نفسها؟ بمعنى‪ :‬كيف يستقيم النص‬
‫الذي يقول إن النبي فرد عادي لا معجزات له‪ ،‬وأنه مجرد ناقل‬
‫لما ُيملى عليه‪ ،‬وأن الله اختاره أميًّا لا يقرأ ولا يكتب لكي يدرك كل‬
‫ذي عقل أنه –بملكاته الشخصية المحدودة‪ -‬لا يستطيع أن يقول ما‬
‫ينقله من عنده هو‪ ..‬كيف يستقيم ذلك مع الروايات التي تتحدث عن‬
‫«معجزة» الإسراء والمعراج‪ ،‬وأن العنكبوب نسج خيوطه‪ ،‬والحمام‬
‫ع َّشش وباض‪ ،‬وفرس سراقة انغرس في الأرض في رحلة الهجرة‬
‫إلى المدينة؟ وكيف يمكن فهم أن «سراقة» نفسه لم يؤمن بالرغم مما‬
‫رأى بعينيه؟ وكيف يمكن فهم الحديث عن القدرات الخاصة للنبي؟‬
‫هل هو عادي اختاره الله هكذا لينقل كلامه عب َره أم هو خارق وغير‬

                        ‫عادي كما تروي كتب الأحاديث وال ِّس َير؟‬
‫ما أود أن اقوله في هذه النقطة أن «الله» إن أراد أن يربك الخلق‪،‬‬
‫ويجعلهم تائهين لا يعرفون الصواب من الخطأ‪ ،‬لن يفعل معهم إلا ما‬
‫تقوله السرديات الإيمانية‪ :‬يخلق لهم عقو ًل محدودة القدرة‪ ،‬ويقدر‬
‫لهم مسلكها في الحياة قبل أن توجد بملايين السنين‪ ،‬ويرسل لهم‬

                            ‫‪10‬‬
   5   6   7   8   9   10   11   12   13   14   15