Page 13 - b
P. 13
ناف ًعا للبشرية ،مثل الذي اخترع التليفون والذي اخترع الكهرباء،
والسيارة والطائرة ،والمضادات الحيوية ،ونظرية النسبية التي
ساهمت في إجلاء الغموض عن بعض الظواهر الكونية ،والذي ارتاد
الفضاء وم َّكن الناس من رؤية الأرض من ع ٍل ،ورؤية الكواكب
والمجرات الأخرى ،مما ساهم –ويساهم لا يزال -في فهم الكون
وحركته وطبيعته ..إلخ.
()7
لماذا لا يوجد كتاب واحد جامع وقاطع الدلالة يكون هو «الدين»،
ويحتكم إليه الناس جمي ًعا دون اختلاف في التأويل؟ بمعنى أوضح:
كيف يكون الدين الواحد مئات الأديان حسب تفسيرات واجتهادات
مختلفة حد التعارض ،تصلح في الأمور اليومية العادية بينما لا يصح
أن توجد في «تعليمات» إلهية ،يترتب عليها ثواب كاسح أو عقاب
فظيع؟ وما الذي يضمن للفرد العادي الذي له عقل محدود القدرة أنه
اختار الاختيار الصحيح من بين خطابات وتأويلات الدين الواحد،
ولا أقول الاختيار بين الأديان؟ إن نظرة سريعة على واقع المسلمين
اليوم ستوضح –دون عناء كثير ولا حاجة لتعمق ولا فطنة -أن ثمة
اختلافات بين المذاهب والشيع تعلو على الاختلافات بين الإسلام
والمسيحية واليهودية مث ًل ،فالمسلم العادي الوسطي الأشعري يرى
أن الشيعة خوارج ليسوا من الإسلام ،والسلفيون يرون أن من
يقولون عن أنفسهم مسلمين ليسوا كذلك بالفعل وإن أدوا الشعائر:
الصلاة والزكاة والصيام والحج والشهادتين طب ًعا ،لأنهم لا يقولون
بالحاكمية (يراجع معالم في الطريق لسيد قطب على سبيل المثال)،
وكل هؤلاء يرون أن الصوفيين عابثون أص ًل ويحولون الشعائر
إلى طقوس غريبة ،وقل مثل ذلك كثير عن ال ِف َرق التي قال عنها
الرسول إنها كلها في النار إلا واحدة ،وهو حديث رواه أبو داود،
والترمذي ،وابن ماجه ،والحاكم وقال :صحيح على شرط مسلم.
13