Page 12 - b
P. 12

‫أو نتيجة لها‪ ،‬لأن الإيمان هنا يكون بالقلب‪ ،‬ومع ذلك –للمفارقة‪-‬‬
‫ينزلون الصحابة والتابعين منزلة مقدسة ويرفعونهم فوق البشر‬
‫العاديين بسبب أنهم «رأوا»! وهي مفارقة تضاف إلى مفارقات كثيرة‬
‫ملخصها هو خطاب التبرير‪ ،‬أن يجد المرء إجابة «مريحة» لكل سؤال‪،‬‬
‫دون أن ينشغل بالصورة الكلية للأسئلة والإجابات‪ ،‬وإن كانت‬

           ‫متسقة وتكمل بعضها حسب منظومة منطقية ما؛ أم لا!‬

                           ‫(‪)6‬‬
‫لماذا يرتبط الإيمان والكفر –اللذين لا ُيسأل عنهما الإنسان بنسبة‬
‫كبيرة‪ -‬بشكلين شديدي «التطرف» من الثواب والعقاب؟ فللمؤمن‬
‫الجنة بما فيها من طعام وشراب وأنهار من اللبن والعسل‪ ،‬والنساء‬
‫والجنس الذي لا مدى له‪ ،‬ولغير المؤمن النار التي أُشغلت لملايين‬
‫السنين‪ ،‬وكلما نضج جلده ُب ِّدل بغيره ل ُيشوى من جديد إمعا ًنا في‬
‫تعذيبه‪ ،‬ويكون شرابه الزيت المغلي؟ هل يحتاج «الله” –بالفعل‪،-‬‬
‫وبما له من قدرة على الابتكار والفعل‪ ،‬إلى أدوات التعذيب البشرية‬
‫تلك؟ وهل المؤمن «الغافل» الذي ص َّدق الرواية ببساطة ودون «وجع‬
‫دماغ» أو دون أن يطرح عليها أسئلته وانشغالاته‪ ،‬يستحق كل هذا‬
‫النعيم مقابل كل هذا الجحيم للشخص المقابل الذي أقلقته بعض‬

                           ‫الأسئلة ولم يجد إجابات مقنعة عليها؟‬
‫في هذه النقطة لا أتطرق لمن على صواب أو من على خطأ‪ ،‬لكنني‬
‫أسأل حول هذا «التطرف» الكبير في الثواب والعقاب‪ ،‬الذي «قد» لا‬
‫يقابله إيمان حقيقي أو كفر حقيقي‪ ،‬فالأول مؤمن بالفطرة فقط‪،‬‬
‫بكسل ودون تدبر‪ ،‬والثاني متحير بأسئلة كثيرة‪ ،‬ولا يصل إلى حد‬

                                                        ‫الكفر!‬
‫وأتحدث أي ًضا عن «عدالة» الله‪ ،‬الذي سيمد الجنة تحت رجلي‬
‫كسول ويغرقه في الملذات‪ ،‬في حين يمعن في التنكيل بآخر قرر أن‬
‫يستخدم عقله –الذي خلقه الله وحدد له قدرته أص ًل‪-‬ب وإن كان‬

                            ‫‪12‬‬
   7   8   9   10   11   12   13   14   15   16   17