Page 17 - b
P. 17

‫خاصة من المستشرقين الذين يعملون على الديانات القديمة جمي ًعا‬
‫ويفندون كتبها وآثارها‪ ،‬ويختبرونها في ضوء المعارف الجديدة التي‬
‫توصل إليها العلم‪ ،‬والتي لا تترك حج ًرا إلا قلبته‪ ،‬من أول حقيقة‬
‫وجود الرسل‪ ،‬مرو ًرا بحقيقة نزول الرسالات من السماء أو انتحالها‬
‫بغرض السيطرة على الدنيا ومقدراتها من سلطة ومال‪ ،‬وليس انتها ًء‬
‫بتمحيص كل رواية وكل حدث وعرضه على العقل لقبوله أو رفضه‪..‬‬
‫وهذا معناه أن السكوت قد يكون مفي ًدا على المدى القصير‪ ،‬لكن الوقت‬
‫سيأتي حت ًما ليكون الشيوخ مطالبين بتقديم إجابات‪ ،‬وإلا ضعف‬

                                   ‫الخطاب الإيماني كله وانهار‪.‬‬

                          ‫(‪)10‬‬
‫السؤال الأخير هو سؤال علاقة الدين بالعلم‪ ،‬في ظل التسارع‬
‫الكبير للعلم ومعارفه وأدواته في المائتي سنة الأخيرة‪ ،‬بمعدل يفوق‬
‫كل المعارف التي ح َّصلها الإنسان طوال عمر الكون‪ ..‬والسؤال هنا‬
‫بالتحديد يخص علاقة «المعارف» التي ُذكرت في الكتب المقدسة‪،‬‬
‫خاصة في الأديان الإبراهيمية‪ ،‬بالعلوم والاكتشافات التي توصل لها‬
‫البشر‪ ،‬فمث ًل مسألة معرفة نوع الجنين وهو في بطن أمه‪ ،‬وكشف‬
‫«حركة» الأرض ضمن المجموعة الشمسية‪ ،‬وأن الشمس لا تتحرك‬
‫بل ثابتة في مكانها والكواكب هي التي تدور حولها وتدور حول‬
‫نفسها بنظام دقيق‪ ،‬وحقيقة وجود سماوات سبع وأراضين سبع‪،‬‬
‫وأن النجوم زينة ورجوم للشياطين‪ ،‬وإن كانت الأرض مسطحة أم‬

                                                  ‫مكورة‪ ..‬إلخ‪.‬‬
‫هل يصمد الخطاب الديني حسب تفسيراته التي يتناقلها الشيوخ‬
‫من ‪ 1400‬عام؟ أم أن عليهم أن يغيروا خطابهم بآخر يتوافق مع‬
‫«حقائق» العلم‪ ،‬أم سنعيش في قلب ازدواجية بين الدين والعلم كما‬
‫يحدث الآن‪ ،‬فنصدق كلام الخطاب الديني لوحده‪ ،‬ونتعامل بشكل‬
‫مختلف مع العلم لوحده أي ًضا‪ ،‬كأنهما يدوران في فضاءين مختلفين‬

                              ‫‪17‬‬
   12   13   14   15   16   17   18   19   20   21   22