Page 22 - b
P. 22
يصور حياة المسلمين أنفسهم ،وخلُص إلى أن نسبة هذا الشعر
للجاهليين كان مقصو ًدا به تفسير القرآن بحسب معاني الكلمات
الواردة في الشعر ،وبالتالي إذا كان الشعر ُمن َت َح ًل ،فإن التفاسير
التي استندت إليه ليست دقيقة ،وأن أصحابها أرادوا إثبات شيء
غير الحقيقة .وعلينا أن نتصور المدى الذي كان سيصل إليه لو أن
ثمة حرية في البحث.
عا َّم ُة العرب يقولون «ربنا عرفوه بالعقل» ،للإشارة إلى أن أح ًدا
لم ي َر الله ،ولم يسمع منه ،وإنما توصل الناس إلى وجوده بعقولهم،
على قاعدة أن وراء كل صنعة صان ًعا ،فإن رأيت السيارة تدرك أن
شخ ًصا ما صنعها ،وكذلك الكرسي والكمبيوتر ولمبة الكهرباء..
فإن رأيت الكون تدرك –بالقياس -أن وراءه صان ًعا هو الله كلي
القدرة .وتل ِّق ُن َنا الخطابات الدينية أن الله اصطفى نف ًرا قلي ًل من عباده
وأرسلهم –على فترات -إلى بقية الناس ليبلغوهم تعاليمه ،وما يجب
أن يفعلوه وما يمتنعون عن فعله ،وثوابهم وعقابهم في الحالتين ،وقد
أملى على هؤلاء الأنبياء كتبًا –بواسطة َم َلك هو (جبريل) -ض َّمنها
تعاليمه ،وأن من آمن وعمل بها سيدخل الجنة ،ومن أنكرها سيدخل
النار.
هذه السردية لها وجاهة ومنطقية ،فمن السهل أن يؤمن الناس
أن هذا الكون الشاسع لم ُيخلق وحده ،لا بد أن هناك من خلقه،
ولأنه كبير فيلزم أن يكون «الخالق» قاد ًرا ،ليس كالناس العاديين
محدودي الإمكانيات .أي ًضا حين ينظر المرء إلى سيرة الإنسان منذ
ولادته حتى مماته ،فإنه سيسأل عن الغاية ،فيم ُخلِ َق ول َم مات؟
وهل بموته ينتهي دوره إلى الأبد كأن لم يكن؟ لهذا فإن قصة الثواب
والعقاب والجنة والنار تكون وجيهة ،وتصلح جوا ًبا مقن ًعا للسؤال.
تجلي الإله
22