Page 23 - b
P. 23

‫(تجلي الإله‪ -‬جدلية الإلهي والإنساني في الثقافة الإسلامية)؛‬
‫هو عنوان كتاب للدكتور أحمد سالم‪ ،‬يناقش فيه اختلاف الفرق‬
‫الإسلامية حول (صورة) الله كما يتصورونها‪ ،‬أو حسب قراءاتهم‬
‫للنصوص المقدسة من القرآن والسنة النبوية‪ ،‬سواء التفسير الحرفي‬
‫أو المجازي لهذه النصوص‪ ،‬فهل لله (يد) كما في قوله “يد الله فوق‬
‫أيديهم” (الفتح‪)10 :‬؟ وهل له (أعين) جمع عين مثل قوله “واصبر‬
‫لحكم ربك فإنك بأعيننا” (الطور‪)48 :‬؟ إلخ‪ ،‬أم أن ذكر الأعضاء التي‬
‫تشبه أعضاء الإنسان مقصود بها تقريب المعنى لعقل الإنسان حسب‬
‫مدركاته؟ وإذا كان الأمر مجاز ًّيا في موضوع الأعضاء‪ ،‬فهل من‬
‫الممكن أن نسحب هذا على الموضوعات الأخرى ونقول إنها مجازية‬

                                  ‫أي ًضا كالإسراء والمعراج مث ًل؟‬
‫بالطبع هذا مبحث في غاية الأهمية قد آتي إليه لاح ًقا حسب السياق‪،‬‬
‫لكنني سأبدأ من جدلية (وجود الله)‪ ،‬أي‪ :‬كيف اهتدى الإنسان إلى‬
‫وجود خالق كلي القدرة اسمه (الله)؟ وما يقودني إلى هذا حقيقتان‪:‬‬
‫الأولى‪ :‬أن أكثر من نصف سكان الأرض في الوقت الحالي لا يعبدون‬
‫الله‪ ،‬وكذلك الحال في الأزمان القديمة والأماكن المختلفة‪ ،‬والثانية‪:‬‬
‫أن عبادة الله حديثة بالنسبة لعمر الأرض ووجود البشر عليها كما‬
‫يقدره العلماء‪ ،‬فقد عبد المصريون القدماء –على سبيل المثال‪ -‬آمون‬
‫وآتون لآلاف السنين‪ ،‬وعبد الصينيون والفرس والهنود آلهة أخرى‬
‫متعددة ولا يزالون‪ ،‬وبالتالي فالأمر يستحق النظر بعي ًدا عن القداسة‬
‫المبدئية التي يتقيد بها الدارسون في الأديان‪ ،‬مع التذكير بشيئين‪:‬‬
‫الأول‪ :‬أنني لا أتحدث (في) الدين بل في الثقافة الدينية‪ ،‬والثاني‪ :‬أنني‬

        ‫سأفعل ما أنوي فعله من خلال النصوص المقدسة نفسها‪.‬‬
‫بداية يخبرنا القرآن أن (إبراهيم أبا الأنبياء) استنكر أن يعبد‬
‫قومه الأصنام لأن (عقله) المجرد رفض أن يعبد حج ًرا لا يضر ولا‬
‫ينفع‪ ،‬بل لا يدفع الضرر عن نفسه هو ذاته‪ ،‬وبالمقابل نظر حوله‬

                              ‫‪23‬‬
   18   19   20   21   22   23   24   25   26   27   28